«الزمن الجميل».. هـــل كـــان جميـــلاً حقــاً؟! الحلقة ١1
- مروان ناصح السبت , 6 سـبـتـمـبـر , 2025 الساعة 1:08:54 AM
- 0 تعليقات
مروان ناصح / لا ميديا -
المدرســة.. بين التلقــين والتنشـئـة
هل كانت المدرسة في "الزمن الجميل" مجرد مكان للتعليم؟ أم كانت ميداناً لتشكيل الوعي، وبناء المواطنة، وصياغة الشخصية؟
في الكثير من المجتمعات العربية، لم تكن المدرسة تنقل العلوم فحسب، بل كانت أداةً للتنشئة الاجتماعية والسياسية، تُكرس ثقافة الطاعة، وتعزز القيم المجتمعية التي تتقاطع مع ما تريده السلطة.
1 - التلقين.. لا التعليم الحر
في تلك الحقبة، كان التلقين هو الأساس. المعلم هو المصدر الوحيد للمعرفة، والطالب لا يُسمح له بالتساؤل أو النقاش.
الأسئلة التي تتجاوز المنهج تُعتبر خروجاً على النظام، والمناهج كانت تخضع لموافقة رسمية صارمة.
2 - المدرسة كآلة تطبيع
كان يُنتظر من المدرسة أن تُنشئ "مواطناً صالحاً"، مواطناً يُطيع، لا يتحدّى، لا يُشكّك... الأناشيد الوطنية، والاحتفالات الرسمية، والكتب المدرسية، كلها أدوات لصياغة الوعي. حتى التاريخ يُكتب ليخدم الرواية الرسمية. والأدب المدرسي غالباً ما كان يروّج لقيم مثل الولاء والوفاء للزعيم أو الدولة.
3 - فضاءات التمرد
لكن، رغم كل ذلك، كانت المدرسة مساحة للاحتكاك والتناقض. كان هناك طلاب يعيدون إنتاج وعي مختلف، يتبادلون الأفكار عبر همسات، ورسائل مكتوبة سراً، ويشقّون طرقاً صغيرة للتمرد على القواعد الصارمة.
4 - المدرّس.. بين الحارس والمُلهم
في ذلك الزمن كان المعلم أحياناً يُنظر إليه كـ"حارس للنظام"؛ ولكن في أحيان أخرى كان مصدر إلهام، بشيء من الحكمة، أو كلمة دعم، أو تشجيع على القراءة والبحث خارج الكتب الرسمية. غير أنه كان رفيع المستوى علمياً ومهنياً، وقدوة أخلاقية مؤتمنة من الأهالي، ومحترمة من التلاميذ والطلاب. ولكن سوء أوضاعه المادية -في مرحلة الثمانينيات وما بعدها- كاد أن يفقده الإيمان برسالته، وتراجعت مكانته الاجتماعية مع مجيء زمن الاستهلاك وقيمه المبتذلة، التي أدت إلى انحدار مستوى العملية التعليمية والتربوية بشكل ملحوظ.
5 - اليوم: مدرسة أكثر انفتاحاً.. وأدوات أكثر؛ ولكن...!
المدرسة اليوم ليست كما كانت في "الزمن الجميل". لقد شهد التعليم ثورة نوعية في الأدوات والمناهج وطرق التدريس؛ انفتاح أكبر على مصادر المعرفة، طرق تدريس تفاعلية، تنوع المناهج، إمكانية التعليم عن بُعد... ومع ذلك، ما تزال هناك تحديات: عدم التوازن في جودة التعليم، ضغط المناهج، قلة التفاعل الحقيقي، تحديات تربوية، مثل ضعف الاهتمام بالجانب النفسي والاجتماعي للطلاب، وضغوط الامتحانات التي قد تؤثر على الصحة النفسية...
خاتمة:
في النهاية، المدرسة اليوم، رغم كل عيوبها، تقدم فرصة أكبر لبناء وعي ناقد وحر، وتتيح للطلاب أن يكونوا مشاركين فاعلين في بناء مجتمعاتهم، لا مجرد منفذين لتعليمات؛ بينما كانت المدرسة في "الزمن الجميل" أكثر من مكان لتلقين المعرفة، كانت حلبة صراعات بين السلطة بأنواعها والوعي، بين الطاعة والتمرد، وبين القالب والروح.
المصدر مروان ناصح
زيارة جميع مقالات: مروان ناصح