مروان ناصح

مروان ناصح / لا ميديا -
نبضةٌ خارج الإيقاع.. الحب الأول في زمن المراهقة
لم يكن حبًا ناضجًا، ولا يعرف كيف يُقال، ولا متى يبدأ، ولا كيف ينتهي.
لكنه، رغم كل شيء، كان الحقيقة الأشدّ حضورًا في أيامنا الأولى من الوعي بالعاطفة.
في تلك السن التي تختلط فيها المشاعر كالضوء والماء، يأتي الحب الأول كوميضٍ مباغت.. لا نفهمه، لكننا نصدّقه بكل القلب.

حين يخفق القلب لأول مرة
نلتقي نظرة، أو نسمع صوتًا، أو نلاحظ غيابًا في الصف، فيحدث شيء لا نعرف كيف نسميه.
نظل نراقب من بعيد، ونبتسم دون سبب، ونرتب كلماتنا كما لم نرتبها من قبل.
يحدث ذلك بلا موعد، وبلا خطة.. لكنه يهزّ العالم من حولنا.

رسائل لا تُكتب
في زمن لم تكن فيه هواتف ذكية، كنا نكتفي بنظرة طويلة، أو دفتر نمرره يدًا بيد، أو كلمة مجاملة تُقال على استحياء.
كانت الرسائل تُقال عبر الصمت، وكان القلب هو المترجم الوحيد.

الحب.. اكتشاف الذات
لم يكن الحب الأول بحثا عن الآخر فقط، بل بحثا عن أنفسنا أيضًا.
من نحب، ولماذا؟ 
ما الذي يجعلنا نميل لهذا الوجه، أو ذاك الصوت؟
كنا نبدأ بفهم ذائقتنا، نُدرك للمرة الأولى أن في داخلنا عالمًا خاصًا لا يعرفه أحد سوانا.

الخجل والارتباك
لم يكن سهلاً أن نتحدث عن الحب.
كنا نخاف من أن يُكشف أمرنا، أن يرانا أحدهم ونحن نحدّق أكثر مما يجب، أو نضيّع تركيزنا في الحصة.
وكأن الحب جريمة نرتكبها ونحن نضحك، ثم نخجل.

الأصدقاء.. الوسطاء الصامتون
كم من حب بدأ برسالة حملها صديق، أو جملة قالها أحدهم "نيابةً عنّا".
الأصدقاء كانوا الوسطاء، المؤتمنين على الأسرار، وغالبًا ما كانوا يتألمون معنا إن فشل الحب، أو يفرحون إذا بدا أن الطرف الآخر.. يبادلنا الشعور.

نهايات بلا وداع
الحب الأول نادرًا ما يستمر، لكنه دائمًا لا يُنسى.
يرحل الطرف الآخر، أو يُغلق الباب، أو تنتهي السنة الدراسية.. ونبقى نحن، نحمل الذكرى كأنها قصيدة غير مكتملة، نعيد قراءتها كلما اشتقنا لصورة أنفسنا البريئة.

البذرة الأولى للعاطفة
مهما تقدم بنا العمر، يبقى الحب الأول هو البذرة التي تعلّمنا منها كيف نخاف، وكيف نحلم، وكيف ننتظر.
وربما لم يكن الحب ناضجًا، لكنه كان صادقًا بما يكفي ليبقى.

مقارنة عابرة 
مع مراهقة اليوم
اليوم، صار الحب الأول أسرع، وأحيانًا أكثر هشاشة.
تُقال المشاعر برسائل فورية، وتُلغى بضغطة زر.
ومع ذلك، تبقى في قلب كل مراهق لحظة صامتة، لا يُخبر بها أحدا، وفيها حبّ صغير، لكنه عميق.. كأنه حنين سابق لعمره.

خاتمة
لم يكن الحب الأول في المراهقة حدثًا عابرًا.. بل كان مرآة داخلية رأينا فيها أنفسنا بشكل جديد.
لحظة أولى من العاطفة، عاشت في الهامش، لكنها كتبت على القلب سطرًا لا يمحوه الزمن.
وسواء انتهى بخيبة أو ابتسامة.. فقد علّمنا كيف نحب.

أترك تعليقاً

التعليقات