«الزمن الجميل».. هـــل كـــان جميــــلاً حقـــاً؟! الحلقة 54
- مروان ناصح الثلاثاء , 25 نـوفـمـبـر , 2025 الساعة 12:07:58 AM
- 0 تعليقات

مروان ناصح / لا ميديا -
البطــاقــات البريــديــة.. رحلات فـي صـور عبر الزمن
في زمن المراهقة، حين كان القلب يخفق بالدهشة والحلم، كانت البطاقات البريدية الملونة أكثر من مجرد أوراق مصورة. كانت رسائل صغيرة تحمل عبق السفر وروح الاكتشاف، تفتح نافذة على عالم بعيدٍ مليء بالمعالم الساحرة واللقطات الجميلة. كل بطاقة تصل كانت جسراً بين القلوب، ونافذة على تجارب لم تُعَش إلا بالخيال، وأحياناً الواقع المبهر.
باريس.. برج إيفل
وألوان الفجر
تخيل بطاقة تحمل صورة برج إيفل شامخاً في صباح باريس، ضوء الشمس يلامس الحديد ليضيء بلون ذهبي برّاق! هنا يبدأ -بلطف- صوت العصافير يمتزج مع خرير نهر السين، والمقهى الزاوي يملأ الشارع برائحة القهوة. كل تفصيلة في البطاقة تعكس الفرحة الأولى بالاكتشاف، مع انتباه لكل لون في السماء، لكل ظل على الأرصفة الحجرية، ولكل حركة المارة.
روما.. الكولوسيوم وظلال العصر القديم
بطاقة من روما، تحمل صورة الكولوسيوم، بظلاله المهيبة الممتدة على الأرضيات الحجرية، والطريق إليه مرصوف بالحصى القديم، وأصوات السياح يتخللها صدى الخطوات. كل حجر يحكي قصة، وكل زاوية تهمس بعصور مضت. والبطاقة ليست محض صورة، بل نافذة على التاريخ، على الألوان الدافئة للغروب، وعلى نظرات المارة المتعجبين.
مراكش.. سوق التوابل وألوان الحياة
بطاقة تحمل صورة السوق الشعبية في مراكش، الأقمشة الملونة تتدلى من المحلات، وروائح التوابل تفوح في الأرجاء. الألوان تتراقص أمام العين، الأحمر والأصفر والأزرق والأخضر تتشابك مع أصوات الباعة والموسيقى المحلية. كل زاوية مليئة بالحياة، وكل ضحكة تحكي قصة. والبطاقة تجعل القارئ يشم رائحة التوابل، ويسمع وقع الأقدام على الأرضية الحجرية، ويشعر بحرارة الشمس على وجهه.
سحر التواصل البطيء
في زمن البطاقة البريدية، كان التواصل أعمق وأصدق. الانتظار والصبر، الأمل بوصول الرسالة، وتأمل الصور المصاحبة لكل بطاقة، كلها عناصر تجعل تجربة التواصل أغنى. كل خط مكتوب يدوياً، وكل لقطة مصورة، يعكسان الحب والصداقة بصدق لا يقارن بالرسائل الرقمية السريعة، ويجعل البساطة مصدر سعادة لا تُنسى.
خاتمة:
اليوم، مع الرسائل الرقمية، ربما فقدنا سحر البطاقات الملونة وحميميتها؛ لكن ذكراها تبقى رمزاً لعصرٍ من الفرحة البسيطة، الانتظار الجميل، والتواصل الصادق. كل بطاقة كانت نافذة على عالم بعيد، رحلة مصغرة عبر صور المعالم والذكريات، ومرآة لأيام عشناها بكل دفئها وجمالها. إنها البطاقات التي تسكن الوجدان، وإن طواها الزمن.










المصدر مروان ناصح
زيارة جميع مقالات: مروان ناصح