مروان ناصح

مروان ناصح / لا ميديا -
الأعياد.. مسرح الأرواح والأفراح
في الزمن الجميل، لم تكن الأعياد  أياماً على التقويم فحسب، بل كانت مسرحاً تتحرك فيه الأرواح، وتحتفل كل شوارع الحي بالبهجة.
الألوان تتراقص على الجدران، والروائح تمتزج في الهواء، والأصوات تنسج مهرجاناً من الأفراح والاستبشار. 
كل عيد كان رحلة حقيقية، حيث يلتقي الحنين بالحاضر، ويختلط الصخب بالسكينة.

صباح الوفاء زيارة المقابر
مع بزوغ الفجر، تتوجه الخطوات نحو المقابر، متناغمة مع أصوات التكبيرات من المساجد. الزائرون من كل الأعمار يتوقفون أمام القبور، يضعون الورود، يقرؤون الفاتحة، ويهمسون بالدعاء للأجداد والآباء والأمهات والأحبة الراحلين. 
صمت المقابر الممتزج بخشوع القلوب، يمنح اللحظة قدسيتها، ويزرع في النفس شعوراً بالوفاء والارتباط بالجذور.

أيام التحضير فرح متصاعد
قبل العيد بأيام، تتحرك البيوت كخلية نحل: تنظيف الأثاث، ترتيب الزينة، إعداد الحلويات، شراء الملابس الجديدة... كل زاوية من المنزل تلمع استعداداً للفرحة، وكل حركة صغيرة تضيف حماسة.
الهواء مشبع بالروائح الشهية من المطبخ، والقلوب ترفرف بانتظار اللحظة التي تتفتح فيها الأبواب على يوم العيد.

الألعاب والمسابقات.. 
بهجة الجماعة
الحدائق والساحات تتحول إلى فضاءات للعب والمرح: سباقات، ألعاب تقليدية، أراجيح ودراجات وسيارات ومنافسات صغيرة...
صخب الأطفال وضحكاتهم ملء الفضاء. كل مشاركة في لعبة تزيد حماس المشاركة والفرح الجماعي.
تتشابك الضحكات والهتافات في ألحان احتفالية تجعل الجميع متناغمين في لوحة حية عامرة بالحركة والطاقة المتجددة.

دفء العلاقات
الزيارات المنزلية تبعث الدفء في النفوس. تبادل التهاني والمعايدات، المصافحات، والابتسامات، تجعل الحي كله مشبعاً بروح الترابط والألفة. كل قبلة على الخد، كل كلمة طيبة، كل نظرة مكحّلة بالاهتمام، تضيف بعداً إنسانياً للاحتفال، فتتحول المناسبات إلى ذكريات مشتركة تحيي القلوب.

الطقوس والتقاليد.. روح العيد
الأعياد ليست مجرد مظاهر مادية، بل فرصة للاحتفاء بالقيم والعادات والتقاليد الأصيلة، من صلة الأرحام، إلى تجديد المواثيق غير المكتوبة للألفة والمحبة بين الجيران والأصدقاء.
كل لحظة طقس، كل تحية، وكل معايدة، تذكّرنا بالعمق الروحي للعيد، وتجعل من الاحتفال تجربة أكثر ثراء، وأعمق أثراً في النفوس من الصغار إلى الكبار.

نكهات الزمن الجميل
المائدة تتألق بالحلويات التقليدية والمأكولات الخاصة بالمناسبة. رائحة الكعك المطيب بمزيج من الأفاويه الساحرة، 
مذاق الحلويات الطازجة، وضحكات الجالسين حول المائدة، تدون مشاعر البهجة في دفتر الأيام التالية.
كل لقمة، كل ابتسامة، كل مشاركة، تضيف دفئاً وبهجة، وتحوّل الاحتفال إلى تجربة حسية متكاملة، تتجاوز المآكل والمشارب لتصبح لحظة حب وانتماء.

خاتمة:
مع غروب الشمس، تهدأ الشوارع، ويستكين الفرح في القلوب.
كل زيارة، كل تحضير، كل لعبة، وكل ابتسامة، تصبح موضوعاً يحكى للتندر في سهرة الأهل والأحباب.
حقاً، لم تكن الأعياد محض أيام على أوراق التقويم، بل كانت رحلات خارجة عن إيقاع الزمن الرتيب، عامرة بالأفراح، بنعمة الطمأنينة، والمحبة والوفاء، نابضة بالسحر، والدفء، وسعادة الانتماء.

أترك تعليقاً

التعليقات