مثل ضوء وحيد..
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
علي خُبلي، المجنون الذي كان يمشي بخطوات متقاربة كأنه مقيد.. يرتدي ثوبا فقط، قدماه عجيبتان، كأنه يمشي بهما من أيام منذ طوفان نوح، ويمشي حافياً بثقة رجل آلي يجرب قدميه الحديديتين على لوح زجاجي.
هو الرجل الوحيد الذي يمشي حاسر الرأس.
في شهارة يربط الجميع رؤوسهم بشيلان الصوف، لأن هيبة الرجل في عصبة شاله. وكان علي خبلي مهاباً رغم صلعته التي لم تعد تلمع تحت الشمس مثل نصل أسطوري.
صلعته تشبه صلعات العباقرة.. وشنبه مثل شوارب الإنجليز المرسومين في علب الشوفان وزجاجات علاج الروماتيزم الذي كانوا يسمونه أبو شنب. يشبه «أبو عصام» الذي كان يحلف بشواربه في مسلسل باب الحارة.
أعطاه عمي غرفةً وسريراً، لكنه كان ينام تحت السرير، كأنه يحتمي به من الكوابيس، أو يتدرع به تجاه كل مخاوفه.
لا أحد يعرف عنه شيئاً.. حتى اسمه ليس حقيقياً، أطلقه الناس عليه حين عجزوا عن سماع صوته. لم يعرف أحد من أي قرية أتى.. لكنه بقي صامتاً طيلة أربعين عاماً يحدث نفسه مثل ضوءٍ وحيد.

أترك تعليقاً

التعليقات