«الزمن الجميل».. هـــل كـــان جميــــلاً حقـــاً؟! الحلقة 6٦
- مروان ناصح الأربعاء , 17 ديـسـمـبـر , 2025 الساعة 12:13:02 AM
- 0 تعليقات

مروان ناصح / لا ميديا -
الخدمة العسكرية.. الواجب الثقيل الذي يسرق الأحلام
بعد التخرج من الجامعة، وبين الحلم بفرصة عمل أو مشروع زواج أو مجرد راحة قصيرة، ينقضّ "الاستدعاء" مثل ظل ثقيل لا يمكن تفاديه، وراءه تُفتح بوابة الخدمة "الوطنية" العسكرية، تلك التجربة التي تحوّلت من فكرة "الواجب الوطني" إلى كابوس يُربك خطط المستقبل.
بين الفرض والخوف
في الماضي الأبعد، كانت الخدمة العسكرية تُقدَّم كرمز للشرف والانضباط. أما في "زمن جيلنا الجميل"، فتوسّعُ مدّتها الزمنية، واختلاطُ أهدافها، وتشوّه سمعة المؤسّسة، جعل منها عبئاً يُرهق النفس قبل الجسد؛ صار الشباب يتهيبون منها، ويبحثون بكل وسيلة عن طرق لتأجيلها، أو الهروب منها.
الجيش.. حين يفقد رمزيته
خاضت بعض الدول حروباً متتالية انتهت بهزائم مريرة، تحوّل فيها الجندي إلى ضحية قرارات سياسية مرتبكة، وتراجعت صورة المؤسسة العسكرية من رمزٍ وطني إلى أداة قمع أو وسيلة استنزاف، وباتت الخدمة تعني ضياع السنوات، لا صقل الرجولة أو تكوين الانضباط.
من الانضباط إلى الإذلال
في المعسكرات، حيث يُفترض أن يُعاد تشكيل المواطن، تسود أحياناً ثقافة القسوة، والتمييز، والفراغ، يتقلب الشاب بين أوامر لا معنى لها، ونظام صارم يخلو من الرؤية، ويُحاصر بأحاديث الرتب، وعدّ الشهور، والانتظار الطويل دون جدوى، حتى يغدو عقله أسير الرتابة، لا المبدأ.
عقبة في وجه الحياة
الخدمة العسكرية لم تكن تستهلك الوقت فحسب، بل تقف كجدار أمام كل مشروع: تؤجل فرص العمل، تعرقل إتمام الزواج، وتطفئ جذوة الطموح، فيخرج الشاب منها وقد كبر قبل أوانه، مُثقلاً بتجربة لم يخترها، ولا فائدة حقيقية منها في كثير من الأحيان.
بين الأمس واليوم
الخدمة العسكرية في مرآة الزمن: في زمنٍ مضى (قبل جيلنا)، كانت الخدمة العسكرية تُختبر وسط شعور عام بالانتماء، وفي ظل جيوش كان يُنظر إليها باحترام.
أما اليوم، فالوطنية لم تَعُد مرتبطة بالبندقية، بل بالعلم، بالوعي، وبالعمل المنتج. وصار كثير من الشباب يرون أن "الخدمة" هي تأجيل إجباري لحياتهم، بينما تُصادر أعمارهم في معسكرات لا تُخرجهم أقوى، بل أضعف صلة بالحياة.
خاتمة:
الخدمة العسكرية ليست مجرد فترة زمنية، بل منعطف نفسي واجتماعي وسياسي، وإذا لم تُراجع فلسفتها، وتُعاد صياغة مفهومها، فستظل عبئاً يهرب منه الجميع؛ لا لأنهم يكرهون أوطانهم، بل لأن الأنظمة لم تهيئ لهم درباً يخوضونه بكرامة.










المصدر مروان ناصح
زيارة جميع مقالات: مروان ناصح