المشهد في تعز الحرة والمحتلة
 

أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -
بعد فترة من الهدوء النسبي، عادت ديناميكية الحركة في تعز من جديد بفعل التطورات السياسية الاقتصادية العسكرية في اليمن عموماً، التي لها تأثير على المناطق المحتلة من محافظة تعز. تزايد الاحتكاكات العسكرية بين القوى العميلة من جهة، وبينها وبين الجيش واللجان الشعبية من جهة ثانية. ومن جهة أخرى يشهد مجتمع تعز صحوة وحراكاً، حيث يتنامى في المناطق المحتلة سخط مجتمعي ضد المرتزقة، فيما تعيش مناطق جغرافيا السيادة الوطنية حالة نهوض وحماسة في مواجهة العدوان.

المشهد في تعز الوطنية
شهدت مناطق جغرافيا السيادة الوطنية في محافظة تعز حراكاً استثنائياً، بالتزامن مع تغيرات الوضع العسكري في حيس المحاذية لمحافظتي تعز وإب، وفي مديرية مقبنة في محافظة تعز، في إطار مساعي مرتزقة العدوان قوات طارق عفاش نقل التوغل إلى هذه المناطق.
التحركات الأخيرة، من زيارة الجبهات والعناية بالمراكز الصحية، واللقاءات والوقفات القبلية، التي انتهت بلقاء موسع لقبائل شرعب السلام وشرعب الرونة والتعزية والأمجود تأكيداً على الوقوف ضد العدوان، هذه التحركات لها انعكاسات إيجابية لدى المجتمع، كما أنها أثبتت إمكانية أن يكون هناك دور فاعل اجتماعي ومؤسسي إذا توفرت الإرادة، وأن الموارد المالية ليست مانعاً، وأن المجتمع في طبيعته ليس معادياً.
إن ما قامت به السلطة المحلية في تعز والجانب الإشرافي وأعضاء المجالس المحلية أمر مهم وخلق دفعة جديدة لدى أبناء تعز، وخاصة أبناء شرعب والتعزية ومقبنة، الذين تقع على عاتقهم بشكل مباشر مهمة مواجهة قوى العدوان في ساحل تعز.
إلى جانب هذا الحراك الإيجابي فمازالت هناك بعض القضايا التنظيمية والخدمية مطلوب معالجتها من أجل أن يكون تجاوب المجتمع بشكل أعمق، ومنها: إعادة بناء الجانب التنظيمي (الإشرافي) لأنصار الله في تعز (الحرة) عموماً وفي مناطق التماس، وضبط أسعار السلع الغذائية، خاصة في المناطق التي تخلت مؤخراً عن الطبعة الجديدة من العملة الورقية. من المهم معالجة قضايا متعلقة بإنصاف شخصيات تحركت مع أنصار الله في شرعب وتم ظلمها، واستمرار عدم إنصافها حتى الآن يعطي إشارة سيئة للمجتمع مفادها أن أنصار الله يتخلون عن كوادرهم، وأبرز هذه القضايا: قضية اغتيال الشيخ صلاح الشرفي وشقيقيه واثنين من مرافقيه، واغتيال أبو رعد الحشاش، واغتيال الشيخ أحمد سيف جميل، ومحاولة اغتيال مدير مستشفى السلام منصر الفيشي... من المهم معالجة الاختلالات الأمنية وإعادة النظر في وضع إدارة الأمن في شرعب.

المشهد في القطاع المحتل
يزداد الوضع المعيشي في تعز المحتلة سوءاً مع انهيارات مخيفة للعملة المحلية وارتفاع الأسعار بدرجة كبيرة. استدعى ذلك الخروج في مظاهرات وتنفيذ وقفات واحتجاجات شعبية الأسبوع الماضي، لكن هذه المظاهرات لم تستمر عفوية، فقد عمل الخونج على توجيهها نحو أهداف سياسية متعلقة بالصراع السياسي والتنافس الاقتصادي بين فصائل العدوان. ورغم ذلك فإن للخروج أهمية سياسية، فكل مظاهرة تزداد فيها النبرة المضادة للعدوان وتجعل المجتمع أكثر شجاعة تمهيداً لإعلان موقفه ليس في رفض العدوان -وهو الموقف الذي يعبر عنه بطرق مختلفة- بل إعلان الموقف في الانحياز لقوات الجيش واللجان الشعبية.
يعود الصراع العسكري بين فصائل العدوان، حيث يعمل الخونج بدعم قطري على تقوية حضورهم العسكري في مواجهة التوجهات العليا القاضية بتسليم تعز لطارق عفاشى، بل يطمع الخونج إلى الحلول محل قوات طارق عفاش وأبو العباس في ساحل تعز.
وفيما يتعلق بما يسمى «اللواء 35» فيتم تنازعه بين طرفين، فالخونج يصفون ما تبقى من قياداته القديمة التي حاربت مع المغدور به عدنان الحمادي، فيما طارق عفاش يعمل على استقطاب ضباط اللواء وأفراده وضمهم إلى ما يسمى «قوات حراس الجمهورية» العميلة.

جوعى وانتهازيون
عادت الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات الشعبية مجدداً إلى الساحة في تعز بالتزامن مع الانهيار المتسارع للعملة الوطنية وارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل كبير، فخلال أسبوع واحد فقط ارتفع سعر الدقيق من 40 ألفاً إلى 52 ألف ريال.
ومن خلال المظاهرات التي جرت نستنتج التالي:
- يريد حزب الخونج السيطرة على الفيضان الشعبي والحراك السلمي لـ»ثورة الجياع»، ووضعه في قالب محدد يلبي أهداف ومطامع الحزب بعيداً عن تطلعات واحتياجات المجتمع المنهك في مرحلة اقتصادية ومعيشية حرجة.
- وظف حزب الخونج المظاهرات كامتداد للصراع السياسي بين فصائل حكومة المنفى وشركائها من دول العدوان بشكل أساسي، وظهر هذا التوظيف بصورة واضحة من خلال تحميل شخصيات بعينها مسؤولة الانهيار بدلاً من فضح مشروع العدوان الذي استهدف الاقتصاد الوطني والأرض والإنسان.
ـ كشفت المظاهرات عن غليان شعبي تشهده تعز المحتلة نتيجة سياسة التجويع، والمجتمع بحاجة إلى ثورة جياع تكسر حاجز الخوف والرضوخ، ليظهر موقفه الوطني ضد العدوان ويعلن انحيازه إلى الجيش واللجان الشعبية. وأهمية المظاهرات في أنها تنمي هذه الحالة.

عودة التوتر بين الخونج وطارق عفاش
بعد التمهيد لسحب البساط من تحت سيطرة الخونج في تعز، وبتوجيهات عليا من تحالف العدوان لتسليم ملف تعز لطارق عفاش، خصوصاً مع الإجراءات الأخيرة المتعلقة بإخراج القيادات العسكرية التابعة لحزب الخونج من تعز، ترتب على ذلك احترازات وقائية خونجية للحفاظ على الجغرافيا الخاضعة لسيطرتها مع تهديدات بالتمدد نحو مناطق الساحل وبرعاية قطرية ودعم سخي عبر المرتزق حمود المخلافي.
تتطلع قطر والخونج، عبر حمود سعيد المخلافي وقيادة رامي الخليدي ومفضل الحميري، للانتشار في محور الساحل الغربي ومقبنة للسيطرة على المناطق الخاضعة لقوات المرتزق أبو العباس.
يتوجه الخونج نحو إيقاف تمدد قوات طارق نحو ريف تعز الغربي مع تفكك روابط الاتفاق المشؤوم بين الفصائل المتصارعة.
يشرف مستشار محور تعز، المرتزق الخونجي عبده فرحان سالم، على تشكيل ألوية عسكرية خارج إطار وزارة دفاع حكومة المنفى العميلة.
ويضاف إلى صراع الفصائل انقسام داخلي في حزب الخونج إلى فريقين: فريق يؤيد قرار تحالف العدوان بنقل القيادة للعميل طارق عفاش، وآخر يرفض القرار ويعمل خلافا له تنفيذا لمشاريع دول أخرى.

تصفيات مجدداً
عادت مجدداً عملية الاغتيالات التى تطال بقايا قيادة ما يسمى «اللواء 35 مدرع»، خصوصا القيادات المتعارضة مع مسار تنظيم الخونج السياسي والعسكري بالمنطقة، والتي كانت مقربة من المغدور عدنان الحمادي الذي كان يحمل رؤية ومساراً وتمويلاً مغايراً لتنظيم الخونج داخل فصائل عسكرية موالية للعدوان، وما تزال تلك الصراعات السياسية والعسكرية مستمرة.
تأتي عملية اغتيال المرتزق العقيد عبدالباسط القاضي، ركن الاتصالات في ما يسمى «اللواء 35» بعد أسبوع واحد من محاولة اغتيال عقيد آخر في اللواء ذاته، وهو المرتزق محمد العمدة، قائد جبهة الصلو، ضمن التوجه الخونجي لتصفية القيادات القديمة لهذا اللواء، ورسائل تهديد ووعيد لمن يرفض التوجيهات الصادرة من المقر.
من جهة أخرى استدعت قوات المرتزقة بالساحل الغربي بعض قيادات هذا اللواء والهاربين من قطاع المدينة، وقامت بتعيينهم في مراكز عسكرية مختلفة، على سبيل ذلك تم تعيين المرتزق العقيد عبدالكريم الجبزي أركان حرب اللواء الثالث حرس مرتزق التابع لطارق عفاش، وانضم معه أكثر من 300 فرد من أفراد وصف وضباط ما يسمى «اللواء 35» المنشقين من وحدات اللواء الذي أضحى يخضع لحزب الخونج.

أترك تعليقاً

التعليقات