المناورة الأمريكية والقلق الصهيوني
 

أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -
يشهد البحر الأحمر وخليج عدن تحركات عسكرية خطيرة في هذه الفترة، منها المناورة الأمريكية الخليجية الثانية في البحر الأحمر، وكذلك انتشار قوات المرتزقة التي يقودها العميل طارق عفاش في سواحل تعز في مديرية المخا ومديرية ذوباب، حيث المصالح الاستراتيجية لقوى العدوان. وتتزامن المناورة مع ارتفاع منسوب القلق الصهيوني من التطورات في المنطقة.
إن قيام الولايات المتحدة الأمريكية بمناورة ثانية في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن في هذا التوقيت وفي فترة زمنية متقاربة ليس أمراً هيناً، بل يحمل دلالات عدوانية خطيرة، ففي يوم الأربعاء الماضي أعلن الأسطول الخامس في البحرية الأمريكية أن سفينة “يو إس إس بورتلاند” اختبرت سلاح ليزر جديداً، ودمرت هدفاً عائماً في خليج عدن، مشيراً إلى أن النظام الجديد يمكن استخدامه لمواجهة القوى الوطنية اليمنية.
للمناورات العسكرية الأمريكية الصهيونية الخليجية أهداف ورسائل عديدة على المستوى الإقليمي واليمني، وهي كالتالي:

على المستوى الإقليمي:
تأتي المناورات ضمن التصعيد ضد إيران وبالتزامن مع المباحثات النووية كرسالة أمريكية صهيونية خليجية بأن الخيار العسكري لايزال وارداً. كما تأتي ضمن التوجهات الأمريكية في تأهيل دول الخليج وإشراكها عملياتياً مع الكيان الصهيوني ضمن المشروع الاستعماري الجديد: “الناتو العربي” و”كيان الدول المشاطئة للبحر الأحمر”. وتأتي أيضاً كنوع من رد الاعتبار للبحرية الأمريكية، بعد فضيحة فشل عملية القرصنة على السفن الإيراني في بحر عُمان.

على المستوى اليمني:
تأتي كرد فعل على التقدمات في مأرب والجوف وغيرها من المناطق الجبلية الصحراوية، فمن شأن هذه التحركات أن تنقل المعركة التحررية الوطنية نحو ساحل تعز وعدن. وتمثل المناورة محاكاة لأي أعمال عدوانية أمريكية صهيونية محتملة في البحر الأحمر، وخاصة في ساحل تعز (المخا، ذوباب، باب المندب)، حيث المعركة الاستراتيجية بالنسبة لدول العدوان الأمريكية ـ الأطلسية في إطار الصراع الدولي على المضايق والممرات المائية. كما تحمل المناورة رسالة بأن الانسحاب من تهامة الحديدة كان وفق خطة أمريكية معينة وليس نصراً، وأنها لن تتخلى عن بقية سواحل البحر الأحمر، وقادرة على أن تخوض حربا مفتوحة فيها.

أمريكا: الثورة إيرانية
تتزامن المناورة مع قلق صهيوني من التطورات في المنطقة، وفي مقدمتها تنامي القوة اليمنية جنوب الجزيرة العربية وحضورها الوازن في البحر الأحمر، وإن كان الصهاينة ينسبون هذه القوة إلى إيران، كما كانت الولايات المتحدة سابقاً تتعامل مع حركات التحرر الوطنية كمؤامرة سوفييتية، وكأن الشعوب لا تريد التحرر لولا دولة أخرى من دول “محور الشر” بالمفهوم الأمريكي هي التي تدفعها للثورة!
وليس من المستغرب أن تكون التصورات الأمريكية ـ الصهيونية على هذا النحو، أو استحضار مثال كهذا، ففي تعليق على قناة “الحرة” ورداً على سؤال عن الرسالة الأمريكية من المناورات العسكرية في البحر الأحمر، لأول مرة هناك اشتراك بين “إسرائيل” ودولتين خليجيتين؛ أجاب الدبلوماسي الأمريكي السابق بيتر هيمفري: “عليَّ أن أذكرأن من المدهش الحديث عن الموقف الأمريكي تجاه كوبا خلال حقبة الاتحاد السوفييتي، وكنا نخشى من وجود صواريخ في كوبا. لم تكن كوبية، إنما روسية تستهدف الولايات المتحدة. لماذا هذا مدهش؟ هذا بالضبط ما تفعله إيران مع الحوثيين. الحوثيون لا يصنعون صواريخ فتاكة ومسيرات. هذه تكنولوجيا إيرانية موجودة لدى الحوثيين وتطلق على العرب. هذا بالضبط ما حدث في الستينيات مع الاتحاد السوفييتي في كوبا. نحن نعمل جاهدين لجعل الإمارات والبحرين تحسنان قدراتهما في اعتراض السفن التي تهرب التكنولوجيا للحوثيين”.

قلق صهيوني
بالعودة إلى القلق الصهيوني نجد أن القلق كان هو السائد في مواد مراكز الدراسات الصهيونية، ففي 15 كانون الأول/ ديسمبر الحالي وتحت عنوان “إيران تسرع برنامجها الفضائي في الوقت الذي تستعد فيه لإطلاق قمر صناعي” الذي نشر في “مركز القدس للشؤون العامة”، ركز الكاتب الصهيوني المقدم (متقاعد) مايكل سيغال، على نشر مركز الفضاء الإيراني في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2021 صوراً تُظهر الاستعداد لإطلاق مركبة فضائية، مشدداً على أن الولايات المتحدة تعتبر إطلاق الأقمار الصناعية الإيرانية انتهاكاً لقرار مجلس الأمن رقم (2231) الذي تمت الموافقة عليه في تموز/ يوليو 2015.
وفي “المعهد الإسرائيلي للديمقراطية” في هذا الشهر أجرى الكيان الصهيوني استبياناً بعنوان: “هل تشكل إيران تهديداً وجودياً؟”، وكانت نتيجته الرئيسية المنشورة كالتالي:
ـ ترى أغلبية الجمهور أن إيران تشكل خطراً وجودياً كبيراً على “إسرائيل”.
ـ نسبة اليهود الذين يرون في إيران خطراً وجودياً أعلى بكثير من عرب 48 في الأراضي المحتلة.
ـ توافق غالبية اليهود على أن “إسرائيل” يجب أن تهاجم المنشآت النووية الإيرانية عسكرياً حتى بدون موافقة أمريكية، فيما غالبية عرب 48 لا يوافقون على ذلك.
ـ اليمين الصهيوني يوافق بالأغلبية على أن “إسرائيل” يجب أن تهاجم إيران حتى بدون موافقة الولايات المتحدة.
ـ نصف الوسط الصهيوني يعتقدون أن على “إسرائيل” مهاجمة إيران بدون العودة إلى أمريكا.
ـ أقلية فقط من اليسار الصهيوني تتبنى خيار مهاجمة إيران.

أترك تعليقاً

التعليقات