روبير بشعلاني

روبير بشعلاني / لا ميديا -
إن عدم تحرك العرب من أجل فلسطين ليس يأساً، فالمنظومة التي خلقت هذا الكيان،  وحتى التي ورثته، منظومة تتخلخل بالعين المجردة. إذا اللعبة أصبحت مفتوحة فما هو المانع إذن؟
وليس لأن الكيانات ليست دولاً حقيقية وتحبس الاجتماع بماضيه القبلي والطائفي، فحركة التحرر العربية ولدت ونمت في السابق في ظل هذه الكيانات ذاتها وفي ظل العمران البشري ذاته. وعلى أي حال فإن حركة التحرر العربية مدعوة إلى العمل في ظل الشروط المادية الملموسة لا المتخيلة.
من جهتي أعتقد أن شعبنا العربي لا يتحرك لسببين اثنين أساسيين: الأول بنيوي يتعلق بالتركيب الاجتماعي - السياسي للإقليم؛ بمعنى أن الإقليم الذي ننتمي إليه يتركب من أقطاب مركزية ومن محيط تابع. وطالما أن المراكز متجمدة فإن المحيط لن يتحرك، وحتى لو تحرك فلن يغير المعادلة.
السبب الثاني يعود لوعي مغلوط تم زرعه في الأذهان خلال عقود طويلة، ومفاده أننا دول متعددة وأن تحررنا فردي؛ فالفلسطيني يحل مشكلة الاحتلال وحده بصفتها قضية فلسطينية، والمصري شرحه، والسوري، واللبناني، والجزائري... إلخ.
التشويه طال النخب كما الجمهور. لقد أقنعوا الأهالي بأن مهمتهم التاريخية هي بناء دولة الكيان العادلة عبر تغيير الحكام، لا كسر منظومة الهيمنة العالمية التي حبستهم في شبكتها عبر تفتيت سوقهم ودولتهم وخلق كيانات غير قابلة للحياة.
إن الشعب يلتقط الحقيقة بحسه السليم. فلو رأى حركة تحرره فعلا من الهيمنة لكان تبعها دون أي تردد. غير أن الطرح الذي يعتبر وحدة الساحات وحدة تنسيق للعمل ليس من النوع الذي يقنع أصحاب القضية بضرورة الانخراط في المعمعة.
أما الخروج من هذا الوعي المشوه فسيكون انطلاقا من الضرورة التي يزداد ضغطها يوما بعد يوم كما انطلاقا من موجة التحرر العالمية التي بدأت معالمها تظهر شيئا فشيئا.
إن وحدة الصراع العالمي سوف تصل آثارها إلى منطقتنا، وسوف تجبرنا كما بدأنا نشهد على طرح التحديات التاريخية  الملموسة. وإن العرب سوف يثبتون أنهم، كباقي الشعوب المضطهدة، حاضرون في الصراع وفي طرح الأهداف الضرورية لتحررهم من سجن التبعية.

أترك تعليقاً

التعليقات