رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا -
لا يمكن لحكومة التصريف أن تتشاطر شرف الموقف الذي يسجله رجال الرجال بقيادة أبي جبريل إسناداً لغزة وشعبنا الفلسطيني المظلوم والمقاوم.
مَن كان من أعضاء هذه الحكومة طاهراً هو -فحسب- الجدير بأن يرمي المسخ الصهيوني بحجر، وبأن تصيب رميتُه مقتلاً في العدو. وأما عداه ممن يتخذون من القضية الأشرف والأطهر، مغتسلاً بارداً يجُبّون به قذارة أيديهم وفساد دخيلتهم، وحصناً منيعاً يتمترسون خلفه في مواجهة حجارة السخط التي يقذفهم بها الغلابى والأحرار... هؤلاء المتلطون بالقضية غير جديرين سوى بأن يُرجموا، لا أن يَرجموا عدواً، ففسادهم امتداد لعدوانه، الذي يستبسل رجال الرجال في دحره عن اليمن والأمة، بينما يشق له هؤلاء المزرون سراديب وأقبية خلفية لينخر في مداميك اللحظة الثورية ويعبرها بأمان ليقوض مستقبل البلد والشعب ويَجُبَّ كلَّ شرف وطهارة وصدقية وبطولة راكمها أحرار شعبنا وشرفاؤه بالدم والعرق والكدح والتضحيات الفارقة، في كنف قيادة سيد الزمن اليمني والعربي والأممي الزاهي والباسق أبي جبريل.
إن سيد الثورة ورجال الرجال معه ينطلقون في نصرة فلسطين وكلِّ مستضعفٍ على وجه الأرض، من ثابتِ وحدة الدم الإنساني والكرامة الآدمية المكرمة بنص كلام الخالق جل وعلا، والتي لا تتجزأ عرقاً وصبغة ومعتقداً، بل تتسع اطراداً لتنتظم كلَّ مشترك وطني وديني وقومي وإنساني في مدار أممي رسالي رحب. وعليه فإن ذودهم عن غزة وأطفالها وشعبها وإسنادهم لمقاوميها هو امتداد أصيل ومتوائم مع ذودهم وانتصارهم لدم شعبنا وكرامته وحريته طيلة أعوام العدوان التسعة الأنكى السابقة للعدوان الأمريكي المباشر.
إن موقف سيد الثورة، ومعه رجال الرجال وأحرار شعبنا وشرفاؤه، في الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، هو موقفهم في 26 آذار/ مارس 2015، وموقفهم في 21 أيلول/ سبتمبر 2014.
وهو نتاج طبيعي لمسار ثوري تحرري طويل بدأ عندما أطلق سيد شهداء المسيرة صرخة "الموت لأمريكا ولإسرائيل" قبل 22 عاماً من الآن، فتصدَّع لدويّها سقف وجدران قاعة كونية ساجدة حتى الذقون للصهيوإمبريالية، واستنفرت الأحادية القطبية المهيمنة لاجتثاث هذا النقيض (في طوره الصوتي)، عبر حروبها الست الضروس، ليتحول بعد نحو عقدين ونصف إلى زمن يمني عربي إسلامي أممي فرط صوتي، حاضر في قلب معركة الأمة والإنسانية كرقم وجودي ثوري دولي فارق، يقوض اليوم بوتيرة متسارعة جدران ومداميك هيمنة الأحادية القطبية، مفسحاً فضاءً تاريخياً لنشوء عالم متحرر من كل ربقة رق تغله بالإمبريالية وقوى الاستكبار العالمي.
هل تستطيع حكومة الأنقاض الماضوية المتجددة والمتجانسة مع أنقاض الوصوليين والمتسلقين الجدد، أن تجترح ولو بضع خطوات خارج عفن وعتمة سراديب وأقبية صغائرها، وبالنقيض لذهنياتها الجرذانية القميئة غايةً وهدفاً، وتلتحق بهذا المسار الباسق، ناهضة بكل غُرمٍ على مذبحه وبكل شروطه وأكلافه الباهظة التي يبذلها السائرون في هذا المسرى النائف والراقون في معراج هذا الشرف الباذخ ولا يستبهظونها مهما بهظت؟!
هل تستطيع حكومة التصريف أن تخسر جرامات من دسومة كروشها لتحلق أبعد بسنتيمترات من حضيض كساحها، وتسهم ولو بكلمة حرة حقاً وموقف صادق بلا لَبْس في هذه الحرب متعددة الجبهات والساحات والأدوات والأدمغة والمفتوحة على فضاء إنساني رحب لا تتناقض دوائر قيمه وغاياته اتساعاً من دائرة الوطن ووصولاً إلى دائرة الإنسانية جمعاء؟!
هل تستطيع حكومة الجباية أن تصوم عن حروب الفتات، وتتنفس بارود التضحية ورفعة النفس دون أن تختنق بطهارة ذراته وتذوي؟!
إن كل ما تفعله هذه الحكومة حتى اللحظة هو إهدار أرصدة الشرف الأممي العابر للجغرافيا، الذي يراكمه القائد ورجال الرجال، في سجلات يمن أيلول الجديد، وتبخيس قدره الوازن، بحروب الفُتات وإهراق ماء وجه اليمني أمام شعوب العالم المأخوذ بعظمة شعبنا، في وحل مخازيها الرسمية اليومية المتفاقمة على كل مستوى وفي كل حقل ومنحى!
إن أحرار العالم ينظرون اليوم إلى شعبنا الشريف وقائده كآلهة أسطورية، بينما تنظر حكومة التصريف للشعب باعتباره دجاجة بيّاضة، وللقائد كواعظ تتقي غضبه بسجادة صلاة وتناوره بحفلات تقوى تنكُّرية كرنفالية باهظة، وتبرهن على ولائها له بصراخ "قرآني" ببغاوي شعاراتي صِرف، وإفراغ مشط ذخيرة "نَصَع" في رأس "نتنياهو كارتوني"، و"غزوات عفاف" عرمرمية شبقة في جبهات الملابس الداخلية النسائية وأزقة خياطي البالطوهات!
إن الحكومة التي تُجيّش لاعتقال كاتب حُرّ كخالد العراسي، وتتمترس خلف "قارورة ويسكي" لتقتل  وتصيب أربعة مواطنين بينهم الزميل محمد شبيطة واثنان من أقاربه وشخص آخر.. وتتمتمرس خلف القارورة الواهية ذاتها لتصفية حساب مع مفسبك كقطران، أياً كان ما يكتبه كرأي، وتضرب سياجاً دفاعياً منيعاً لحماية مهرب مبيدات قاتلة ومحظورة وهامور تجارة قذرة... إن حكومة كهذه هي ثورة مضادة للثورة وقائدها، وجبهة متقدمة لأمريكا وتوابعها الإقليمية، تنهش في نسيج الجبهة الداخلية ولحم الشعب الصامد الصابر وتذبح أمله في أن يأتي الزمان بأحسن مما كان من هوان وخيبات وأنظمة تتسلق أضلاع الشعب باسم آلامه إلى سدة العرش ثم تبصق في وجه آماله وتجبي بؤسه وجوعه ذهباً وتتبول على رأسه كسالفيها بلا حياء!
إنني أحاول أن أقتصد في توصيف الحقيقة الماثلة اليوم لعيان الشعب قبل الراسخين في العلم من أحراره وشرفائه، وأعرف أن هناك من سيرى في موجز هذا النقل الأمين -كما أحسبه- لحقيقة الواقع، بسطاً وإسرافاً في النكاية لحكومة "أطهار" وطعناً في "شرف موقفها وتضحيتها" وتثبيطاً للاصطفاف الشعبي حول غزة كقضية محورية راهنة... ولا غرابة أن يتأذى ذباب القصر من هذه المقاربة الموجزة ويعتبرها طنيناً وتجديفاً بالنقيض لـ"محددات القائد" التي ترتجلها أهواء كواليس الحكم باسم القائد وتمليها على وسائل الإعلام كثوابت ومسلّمات لا تعقيب عليها!
غير أنني أجد أن التفاؤل دسيسة، وأن تحوير الواقع خيانة، وأن الصدق مع القائد الذي أؤمن بصدقيته بلا حدود وحبه الكبير لشعبه، هو فريضة ملزمة لكل حر يبادله الصدق بالصدق والوفاء بالوفاء.
لقد أوجزت في إطلاق الذخيرة على صدور وجماجم المستحقين لها، ولكن الرامي بيد الله والشعب لا يخطئ الرمْية ولا الرَّمِيَّةَ... وهذا حسبي.

أترك تعليقاً

التعليقات