اغتصاب الوعي
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -

كلمة "اغتصاب" في اللغة تعني إكراه أو إجبار الإنسان باستخدام القوة الخشنة أو الناعمة على فعل شيء لا يقبل به ويرفض فعله في الأحوال العادية والظروف الطبيعية، لذا فإن اغتصاب الوعي هو الإكراه العقلي والنفسي للإنسان على القيام بفعل أشياء غير سوية ومخالفة للقيم والاخلاق الانسانية السوية ومخالفة لفطرته وعقله عن طريق استخدام القوة الناعمة من خلال سيكيولوجية التحكم بالفكر وتشويش العقل وتشويهه وصولا لغسل الأدمغة بغرض السيطرة عليها والتحكم بها وتحويل الإنسان إلى رجل آلي ينفذ دون وعي وإدراك، فما كان مستهجنا ومرفوضا في الأحوال والظروف الطبيعية يصبح مقبولا بل وواجبا، وهو ما يجعل الإنسان يتبع الباطل ويتعصب له باعتباره حقا مشروعا. ودائما ما يترافق ذلك مع نزوع خطير للشر وجنوح للعدوانية ضد كل مخالف.
عندما يصبح الإنسان متبعا لخطوات الشيطان متعصبا لها ونازعا إلى الشر حريصا كل الحرص على تنفيذه بل ومعاقبة كل من يرفض ذلك ويخالفه حتى في الرأي وفوق ذلك يجنح نحو اغتصاب وعي الآخرين، عندها سيجد نفسه ـ شاء أم أبى ـ مغتصب الوعي والعقل والجوارح، وأنه أصبح يمثل خطورة بالغة على نفسه وبيئته ومجتمعه، وأن وعيه وعقله وفكره قد غدا شيطانيا خالصا مهمته التضليل والإغواء، وأنه لن يستطيع العودة إلى جادة الحق والصواب لوحده.
هذا هو فكر العهد الوصائي المؤلف من تحالف عفاش وجماعة الإخواوهابية، الذي حكم اليمن وشعبه قرابة 40 عاما، هذا التحالف الثنائي الذي قام بممارسة عملية اغتصاب الوعي الممنهج تسهيلا لتنفيذ مشاريع أعداء الشعب اليمني والأمة ومخططاتهم، وذلك من خلال مؤسسات التربية والتعليم والثقافة والتوجيه والإرشاد الديني والإعلام المرئي والمسموع والمكتوب والمعاهد والكليات العسكرية والمدنية والجامعات والتي كانت حصيلتها العلمية الوحيدة للإنسان هي حفظ جدول الضرب الكبير.
إن الاغتصاب المباشر من خلال استخدام القوة المادية الخشنة والعنف يمكن تجنبه أو مواجهته. كما أن التحذير منه أسهل. أما الاغتصاب غير المباشر باستخدام القوة الناعمة من تغيير المصطلحات والمفاهيم وصولا لغسل الأدمغة فهو الخطر، لأنه يستهدف العقل والفكر والمدارك بالتشويش والتشويه والتضليل مستهدفا الهوية الإيمانية والفكرية والوطنية لتحويل الأباطيل إلى ما يشبه الحقائق وغرسها في الأذهان كقناعات راسخة قد تستمر جيلا بعد جيل.
إن ثنائي العمالة والخيانة في العهد الوصائي البائد هو الذي واجهنا بالأمس في ثورة 11 فبراير 2011 وقتلنا على مر أيام الثورة ولا يزال حتى الآن، والتف على ثورتنا ليعيد الوصاية بشكل أقبح وأسوأ. كما أن قوى الطغيان والهيمنة والاستكبار والاستعمار التي طردناها في 30 نوفمبر 1967، يحاول ثنائي العهد البائد إعادتها من الباب وبعقد شرعي. ولولا صمود الشعب ومواصلته النضال الذي توج بثورة 21 أيلول/سبتمبر 2014م لما استطعنا كشف مشاريعهم وإفشالها، فالتحقوا بالعدوان الأنجلوصهيوأمريكي وأدواته الأعرابية وتحالفوا معه للعدوان علينا كشعب وقتلنا للعام السادس. لذلك نقول: الثورة مستمرة، ولن يحكمنا الخونة والعملاء والفاسدون مرة أخرى.

أترك تعليقاً

التعليقات