نهاية مرحلة وبداية أخرى
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
ما بعد الذكرى الثانية لـ«طوفان الأقصى» غير ما قبله. وهذا ليس استبعاداً لتكرار عدوان وجرائم الصهيوأمريكي أو القول بأن قرار وقف إطلاق النار أتى من صحوة ضمير أو إنسانية أو أنه بقرار شخصي من قبل ترامب للضغط على نتنياهو للقبول بذلك، بينما هو الذي دفعه للتنصل من الاتفاقية السابقة التي تمت نهاية عهد بايدن، الخاصة بوقف إطلاق والانقلاب عليها، بل وأمده بالقوة والحماية اللازمتين لتمديد واستمرار جرائم الإبادة الجماعية لمن بقي حياً من سكان غزة بالقنابل والصواريخ، وبالتجويع والتعطيش، على مرأى ومسمع العالم كله.
لكن من يحكم أمريكا هو من قرر وضغط على ترامب لإيقاف جريمة الإبادة الموصوفة في غزة، التي تشارك فيها أمريكا بشكل مباشر؛ وذلك لمحاولة تخفيف حالة النبذ والعزلة العالمية غير المسبوقة على كيان العدو الصهيوني وأمريكا معاً، ومحاولة إنقاذ ما بقي من صورة أمريكا علها تستطيع ترميم بعضاً مما تهشم من هيبة أمريكا، وهو كبير بعد انكشاف زيف سرديات كيان العدو وقيام الشعوب الغربية بتدمير قوانين بلدانها الخاصة بتجريم ما يسمى «معاداة السامية» وإسقاطه إلى غير رجعة، وتنامى وعي الشعوب وبالذات الغربية منها التي ذهبت إلى ترجمة وتحويل ذلك إلى مواقف إنسانية رافضة لكيان العدو وجرائم الإبادة التي يمارسها ومن خلفه أمريكا والكثير من الأنظمة الغربية.
فبعد عامين من جرائم الإبادة الجماعية في أبشع صورها، وبعد الثامن من أكتوبر 2025 تحديداً، ومع إعلان وقف إطلاق النار، وهو الثاني في غزة، فإن هذا الإعلان مثل انتهاء مرحلة بشرّها المؤلم غير المسبوق وبخيرها وهو موجود في الإيمان والصبر والثبات المنقطع النظير ويقين شعب ومقاومة غزة بالله وبوعده بالنصر، وقد تحقق إفشال كيان العدو ومن خلفه أمريكا وجل أنظمة الغرب والعالم في تحقيق أيٍّ من أهدافه التي أعلن أنها: إعادة أسراه والقضاء على المقاومة، وعجزه عن فرض الاستسلام على شعب غزة ومقاومته رغم أكثر من 200 ألف طن من الصواريخ والقنابل والمتفجرات التي صبها العدوان على غزة وأبنائها.
ومن هنا نستطيع القول بأن غزة فلسطين بشعبها ومقاومتها وعظيم تضحياتها بعد عامين خرجت رافعة رأسها ورأس أمتها، وراية وقضية الشعب الفلسطيني وإعادة إحيائها بعد موت سريري قبل «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023. لهذا -وأكثر لا يتسع المقام لسرده- فإن كيان العدو وإن هدد وأرعد وأزبد لن يستطيع العودة لما قبل 7 أكتوبر 2025، فلا طاقته ولا قدرته ولا وضعه المكاني والزماني يؤهله للقيام بذلك، فالمنصرف أكبر بكثير من الوارد المحتمل في موازين الربح والخسارة، وموجبات زوال الكيان واضحة، ووعد الله آتٍ ولن يخلف الله وعده، وهو القائل سبحانه: «وكان حقاً علينا نصرُ المؤمنين». ولله عاقبة الأمور.

أترك تعليقاً

التعليقات