طفل الاستعمار المدلل
 

محمد ناجي أحمد

محمد ناجي أحمد / لا ميديا

كان وصف الأستاذ عبدالله باذيب للمحامي محمد علي لقمان، رئيس جمعية عدن للعدنيين، وتفرعاتها من حزب المؤتمر، والحزب الوطني، بأنه (طفل الاستعمار المدلل)، وصفاً دقيقاً في تشخيصه وموقفه الوطني في آن.
كان مما يشنه باذيب من نقد لاذع على حزب الأحرار اليمنيين، هو أنهم سقطوا في أجندة الاستعمار البريطاني بحجة مواجهة الاستبداد الإمامي!
هو هنا يفرق بشكل واعٍ بين خطورة الاستعمار وضرورة الاستنفار الوطني لمواجهته والتحرر منه، وبين بناء نظام سياسي وطني عادل.
لقد كان للمحامي محمد علي لقمان العديد من الأدوار، التي أوكلها له الاستعمار البريطاني بعدن منذ عشرينيات القرن العشرين.
في 1924م حين كان لواء الحديدة تحت السيطرة البريطانية، كان محمد علي لقمان في الحديدة يعد تقريراً عن المدينة، بتكليف من (عصبة الأمم)، حسب زعمه في كتابه (رجال وشؤون وذكريات) الذي أشرف على إعداده في كتاب، الدكتور أحمد علي الهمداني، ترجمة محمد جعفر محمد ناصر، 2009م.
وفي حقيقة الأمر كان التقرير ضمن مهمة استخباراتية، وبتكليف من الاستعمار البريطاني بعدن.
ولأن مشائخ الزرانيق كانت لديهم معرفة بمهمة لقمان في الحديدة، فقد زاروه، مبدين له موافقتهم على الحماية البريطانية. وهذا يفسر قدراً من دوافع تمرد الزرانيق على الإمام يحيى في تلك الفترة.
يزعم محمد علي لقمان في كتابه آنف الذكر، أنه وبخ مشائخ الزرانيق لأنهم يريدون الانفصال عن الوطن الأم، ونصحهم بتقديم شكاوى إلى عصبة الأمم...
والمعروف بعد ذلك أن شكاوى شيخهم الفتيني لعصبة الأمم كانت تطالب بحق تقرير المصير، مما يعني أن للمحامي محمد علي لقمان دوراً في تبصير الشيخ الأمي بلغة ومصطلحات ومخاطبة (عصبة الأمم) بخصوص طلب تقرير المصير!
من تناقضات لقمان، وهو ينفي لمشائخ الزرانيق ارتباطه وتمثيله للاستعمار البريطاني، وإنما يعد تقريراً لعصبة الأمم عن مدينة الحديدة، أنه قدم تقريره إلى المقدم (فاول) أول مقيم مساعد في عدن، قبل تقديمه وتسليمه لعصبة الأمم! (رجال وشؤون وذكريات، ص 145).
حين انتقل الأحرار إلى عدن عام 1944م، كان لمحمد علي لقمان دور في تنسيق تواصلهم مع الاستعمار البريطاني بعدن، ومتابعة التصريح لهم بتأسيس حزب الأحرار، وجعل صحيفته (فتاة الجزيرة) لسان حال لهم، قبل إصدار صحيفة الحزب؛ بل كان من ضمن الهيئة التأسيسية للأحرار بعدن.حين انتقل سيف الحق إبراهيم إلى تعز عام 1948م، بعد مقتل الإمام يحيى حميد الدين، في كمين نصبوه له في جنوب صنعاء بـ(حزيز)، كان مع سيف الحق إبراهيم 200 جندي. وفي تعز استقبله محمد أحمد الباشا وزبارة وحسين الحوثي قائد الجيش بتعز، وصالح حراب.
كان ممن رافق سيف الحق إبراهيم إلى تعز: المحامي محمد علي لقمان والأستاذ أحمد محمد نعمان وحسين الويسي والبراق ومحيي الدين العنسي، والحورش.. وقد انضم لهم في نقطة (خدير) محمد البدر، (وذهب مع عمه إبراهيم إلى تعز، وفي ما بعد إلى عدن وصنعاء) [المرجع السابق، ص299].لأن الطائرة المصرية عجزت عن الهبوط في مدرج مطار تعز، بسبب السيول التي ملأت المدرج، فإن سيف الحق إبراهيم عاد إلى عدن للحاق بالطائرة الإثيوبية التي حجزها الأحرار لنقله إلى صنعاء (ص300).
ولوجود رابط بين حركة 17 فبراير 1948م وبين الاستعمار البريطاني في عدن وفي مصر، وحركة الإخوان المسلمين، فقد عرض إمام الحركة عبد الله الوزير منصباً وزارياً على لقمان، بل إنه أغراه بتقديم دعوى استرداد (قاع لقمان) بصنعاء، بحجة أنه من الورثة، وأن قاع لقمان ملك لآل لقمان، وهو سيحكم له ولعائلته به، حسب ما أورده لقمان في كتابه آنف الذكر.
وحين أُشْعِرَ لقمان بطريقة ما بأن حركة 1948م ستسقط، جهز حقائبه واستقل طائرة في مطار صنعاء ليفر بنفسه، بعد أن أدى الدور المنوط به!
يتحدث لقمان في كتابه سابق الذكر أنه في 1950م في شهر فبراير، زار المسيو بول سوبو عدن، ممثلاً عن منظمة اليونسكو، وأن لقمان طرح عليه مسألة تقييد الحريات في عدن، ومن ذلك ما تعرض له الصحفي الشاب عمر سالم طرموم (الذي كتب مقالات نقدية في المجلة المحلية (المستقبل)، ووضع في السجن في لحج) [ص326].

أترك تعليقاً

التعليقات