قشرة الحداثة ومتانة العصبويات
 

محمد ناجي أحمد

يسأل معن دماج في منشورات له بطريقة (الحزاوي) موسعاً لدائرة الافتراءات التي يجيدها، وتحضر صورة الناصري في العديد منها بصورة سلبية بل كخطر يجب إسقاطه في هذه المرحلة من الصراع عملاً بمحفوظاته عن ماركس وانجلز بضرورة الحقد وإسقاط الاشتراكيين المثاليين في ألمانيا! وعلى ذلك يحضر القياس الناصري في ذهنه! وحين يكتب عن الوحدة والوحدويين فهم ليسوا سوى مثالية تخدم الاستبداد! صورة الوحدة في (حزاويه وتجريحاته التي لا تعرف التعديل) ترى الوحدة من إقليمين أو دولتين لقطر واحد! لأن المثقف أصبح انعكاساً لأزمة الحزب، علاقة الوحدة بالحرية ليست علاقة دياليكتيكية، بل العلاقة الدياليكتيكية بين الحرية والانتماءات الضيقة من عائلية وقروية، ومذهبية وقحطانية إلخ، فكيف تجتمع هذه الولاءات مع لافتة ترفع للاستهلاك حين يتحدث عن (أفق عروبي) في جمع انتهازي بين المتناقضات؟! يسأل عن: (من هو السياسي اليمني الذي أسس السياسية بوصفها حرافة، والذي تناسل تلاميذه كالفطر بعد المطر؟!) وبعد قيل وقال مشافهاتي يحدده بعبد الملك المخلافي! رغم الموقف الذي هو عار، وهو هرولة الناصريين والاشتراكيين، والتقاء مسارهم مع الكيان السعودي، وهنا لا يختلف ياسين سعيد نعمان عن عبد الملك المخلافي-وكان ظني قد ذهب إلى أنه بهذه( الحزاية ) يقصد يحيى منصور أبو أصبع، لأن عبد الملك في مواقفه أكثر حدية وإن كان أقل عمقاً من ياسين سعيد نعمان! لكن دائرة القرابة المقدسة عند معن تنزه (الخال) وترفعه إلى مصاف القديسين الذين لم يخلق مثلهم في البلاد! في كتابه الأخير: اليمن.. ماضٍ يرفض أن يرحل ومستقبل يعاق مجيئه! (الصادر عن مركز عبادي عام 2013م،يكتب أحمد محمد الحربي، وهو من جيل حركة القوميين العرب ومن مؤسسي الحزب الديمقراطي الثوري اليمني -عن يحيى منصور أبو أصبع بأنه في عام 1994م أعده علي محسن ليقوم بضربته الثانية بعد تفيد الجنوب ليكون أميناً عاماً للحزب، ولكي يدين موقف الحزب من حرب 94م، وذلك بمباركة من علي عبد الله صالح، ويتهمه في ص 398 بأنه أسقط 450 فرداً بمرتباتهم من كشوفات الاستحقاقات التي قطعت عليهم في عام 1994م من المنظمات الجماهيرية التابعة للحزب الاشتراكي اليمني من إجمالي 3500 فرداً واستبدلهم بأقاربه مع عدد من الفلاحين الذي يعملون كمزارعين في أرضه وارض أسرته، واصطنع مشكلة مع الحزب ما زالت قائمة حتى الآن، حيث وجه رسالة من الأمانة العامة وقع عليها وختمها وأرسلها لمكتب مالية عدن باعتماد الأسماء التي أقرها ...(... وفي عرضي النقدي لكتاب الحربي السابق الذكر).... يتهم المؤلف دور الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي يحيى منصور أبو أصبع، بأنه منذ ما بعد حرب 1994م، وهو يقوم بأدوار لصالح نظام علي عبدالله صالح، الذي كان قد أعده كي يكون أميناً عاماً للحزب، لكن يقظة كوادر وقيادات الحزب أفشلت إمكانية قيامه بشق الحزب... اتهمه المؤلف بأنه كان يوزع أموالاً كثيرة على كوادر الحزب، وأن مصدر هذه الأموال (النظام العائلي) لعلي عبد الله صالح ...( هو مع (الثورة) وضد التسويات، وعند التوافقات تكون العائلة المغلفة بالمقولات الماركسية في مقدمة المتحاصصين!  كان آباؤهم في القرون السابقة وحتى القرن العشرين يتقاضون من الأئمة أخصب الأراضي الزراعية، والوظائف الخراجية مقابل نصرتهم على الفلاحين، وعلى ذات النهج يسير الأبناء في ركب (مقاومة آل سعود) وبطانة علي محسن... ما يكتبه الاخوة الأشقاء درر مكنونة مهما كانت سذاجتها وركاكة لغتها ! هنا نستطيع القول بأنه: ليس في الحياة أقبح وأخطر من العصبويات الأسرية والعائلية والعشائرية والقبلية والعرقية والمذهبية إلى آخر الأساطير والأوهام التي تسلبنا ذاتيتنا، وتعيد إنتاج الاستغلال بقشور حداثية ومحفوظات تنتمي لمادية القرن التاسع عشر! مقتطفات لنديم البيطار: (الوحدوي لا يميز سياسياً بين عربي وعربي إلاّ بقدر التزامه الوحدوي، وهو يحب ويكره ،يصادق ويعادي سياسياً وايديولوجياً في ضوء هذا الالتزام... الوحدوي يدرك أن (الحرية من ...) التي ننشدها من الاستعمار، الاحتلال، التخلف، الضعف -ترتبط دائماً وأبداً بـ(الحرية لأجل) الدولة الواحدة، أداة تعبئة طاقاتنا ومواردنا، التعبئة التي لا يمكن دونها تحقيق مقاصدنا القومية والإنسانية والحضارية... الوحدوي لا يعرف أي انتماء، أي منطلق، أي تصور، أي ارتباط إقليمي مهما كان ذلك طفيفا وجزئيا، ويرى فيه تناقضاً شاذاً يدل على بلبلة فكرية، على ذات منقسمة على نفسها، على وعي ناقص لا يعرف كيف يتبين طريقه، أو على انتهازية تريد أن تمسك الحبل من طرفيه فتستغل الانتماء الوحدوي والانتماء القُطري في نفس الوقت بغية خدمة مصالح خاصة. ليس هناك من حل وسط بين الاتجاهين، فالعربي يكون إما وحدوياً أو إقليماً... والوحدوي يغذي قلبه بمشاعر النقمة التي لا تعرف المصالحة ضد كل من يقف في طريق الوحدة ،ومشاعر الصراع الذي لا يعرف المهادنة ضد كل من يقف مباشرة أو غير مباشرة ،عن وعي أو لا وعي، في طريق الوحدة... (ص382-383-من التجزئة إلى الوحدة ...-نديم البيطار -ط3-1983م مركز دراسات الوحدة العربي.
أضف هذه كفقرة أخيرة من مقال بعنوان فرعي حوار سريع :
    قناة العالم تسألني اليوم عن داعش والإرهاب وجدية الغرب في محاربتها، وتصميم إيران في المشاركة للقضاء عليها! كانت إجابتي: هناك تفقير وتجهيل يزداد بوتيرة متصاعدة، لا أستطيع القول بأنها هندسية لأننا أصبحنا في زمن سرعة المعلوماتية! الغرب برأسماليته المتوحشة، وتفرده بالملعب منذ منتصف الثمانينات، وليس بداية التسعينات كعام لسقوط الاتحاد السوفيتي، لكن قبلها كانت مقدمات الجلاس نست والبروسترويكا! بل في الستينيات حين كانت زعامة استالين قد ولت في الخمسينيات ليكون خورشيف وبرجنيف مرحلة سقوط لها... ليأتي جورباتشوف كخاتمة للسقوط! هذا الغرب بنهجه لتعزيز مزيد من الفقر ومزيد من الجهل جهل العالم أرضية خصبة لمشاريعه! حين سقط خصمه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي اخترع خصماً من صناعته، واهياً وهشاً، وكانت الأرضية خصبة بفقرها وجهلها وعبوديتها كنتيجة مباشرة لانتصارها! كان تسويقهم لصراع الثقافات، وكانت مسيرة الصراع مع المذهبيات والطوائف والأعراق وكل الأساطير الأكثر تقزماً! لهذا أصبحت إيران مجوسية فارسية رافضية شيعية! حين نكون أمة عربية واحدة بدولة عروبية لوطن عربي واحد ساعتها سنفرض على إيران علاقة شراكة ،دون ذلك نحن أقزام فقراء وجهلاء في خدمة المشروع الغربي!

أترك تعليقاً

التعليقات