الخرافة قوة ناعمة بيد الغرب
 

محمد ناجي أحمد

محمد ناجي أحمد / لا ميديا

يستفيد الغرب وإسرائيل من تعزيز وإشاعة الخرافة في الوطن العربي والعالم الإسلامي، ويعمل على تشجيع هذا التوجه من خلال انتشار العديد من الفضائيات التي تُقيل العقل. 
حين قامت فرنسا بحملتها على مصر أواخر القرن الثامن عشر، توجه مراد بك لقتال الفرنسيين، فاجتمع العلماء في الأزهر طوال أيام المعركة يقرؤون البخاري وغيره، ويرددون الأدعية، وكذلك مشايخ فقراء الأحمدية والسعدية والرفاعية وغيرهم من طوائف الفقراء وأرباب الأشاير، وكل يوم يذهبون إلى الأزهر فيجلسون للأذكار، ويجتمع أطفال الكتاتيب للدعاء وتلاوة اسمه تعالى: "لطيف... لطيف"، بحسب ما أورده المفكر صلاح عيسى في كتابه "الثورة العُرابية" (ص192)، الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت، عام 1972م.
بل إن أحمد عرابي، قائد ثورة 9 سبتمبر 1882م، حين قبض عليه بعد هزيمة معركة "التل الكبير" عند تفتيشه وجدوا في حوزته حروزاً، فسر وجودها بأنها من أجل أن تقي نسله من الموت، بعد أن توفي العديد منهم، ولم يسلم البقية من الموت إلا عندما لبس هذه الحروز!
كذلك انسحبت كوادر التجمع اليمني للإصلاح ومسلحوه من "ساحة الحرية" بتعز أثناء هجوم قوات من الأمن والجيش على الساحة في عام 2011م، إلى المساجد، لتعلو مكبرات الصوت فيها بالدعاء على القوات العسكرية التي تشن هجوماً على الساحة من ثلاثة اتجاهات تاركة ممراً رابعاً لخروج من في الساحة، وكانت الساعة وقتها العاشرة ليلاً، طالبين من الله أن يشتت شمل عدوهم، ويرسل عليه جنوداً من السماء ليخسف به ويحمي الساحة منه!
كانت استقالة العقل أداة مستخدمة في انتفاضة 11 فبراير 2011م منذ اللحظات الأولى التي خرج فيها عشرات الشباب إلى الساحات، مرددين مطالب حقوقية سياسية، متأثرين بما حدث في تونس ومصر وفقاً لنظرية الدومينو، ووصولاً إلى نزول جمهور تجمع الإصلاح بعشرات الآلاف، 
حركت وقتها ما عرف بـ"المسيرات المليونية"، وكان تعبيراً يطلق على كل مسيرة ولو كانت من بضعة آلاف تجوب الشوارع.
كانت المسيرات "المليونية" تتحرك في خط سير، ومطالب وفقاً لمقولة كرسها تجمع الإصلاح بقوله: "دعوها فإنها مأمورة".
لم يكن أحد يعلم الغاية من هذه المسيرات وهي تجوب الشوارع الرئيسية والحارات والأزقة، وكأن مطلبها بـ"الشعب يريد إسقاط الرئيس" و"كلما زدنا شهيد اهتز عرشك يا علي" يمر عبر هذه المسيرات "المأمورة"! بالتضحية بعشرات الضحايا كوجبات يومية في مذبح الوصول إلى العرش!
لم تغب الخرافة عن هذه الحشود، سواء في مصر أو اليمن، فلقد كانت رؤيا منام قيادات إخوانية -بأنهم شاهدوا النبي يشد من أزرهم ويبشرهم بالنصر، ويبارك فعلهم- تعزز من قرب الوصول إلى غاياتهم.
وانخرط الدعاة الذين صنعتهم قناة "اقرأ" الإخوانية في تعضيد هذه المسيرات "المأمورة". 
لقد تعامل الإخوان المسلمون مع جموع الناس باعتبارها حشداً من السوقة يتم سوقهم، وتعطيل كل إمكانية للتفكير فيما يفعلون وما يرددون.
كان المطلوب ركاماً من النعوش وسيلاً من الدماء، ليبنوا من ذلك ملكهم، مستشهدين وموظفين للآية القرآنية التي تقول: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير}، ما يعني أن مشيئة الله إعطاؤهم الملك ونزعه عن غيرهم! 

أترك تعليقاً

التعليقات