محمد القيرعي

محمد القيرعـي / لا ميديا -
في صبيحة يوم الثلاثاء 9 يناير الجاري فوجئ المواطن الشاب محمود جميل المنصوب، من أبناء مدينة التربة المكلومة بحكم وعنجهية العصابات الإخوانجية (حزب الإصلاح) بطقم تابع لحاكم المديرية العسكري عبدالعزيز ردمان الشيباني وعلى متنه بشمركته المبندقون، الذين داهموا منزله ليلا لينهالوا عليه بالضرب الوحشي وعلى مرأى أطفاله ووالدته التي أصيبت هي الأخرى في الاعتداء ذاته على يد أشاوس الشيباني.. قبل أن يقوموا بجره بعد ذلك كالحيوان مضرجا بدمائه وفاقدا الوعي ورميه في طقمهم العسكري ونقله إلى السجن الخاص بالبعبع الإخوانجي عبدالعزيز ردمان الشيباني والملحق بمبنى المجمع الحكومي بمدينة التربة.
وبالطبع، فقد برر الشيباني وبازدراء واضح بربرية مرافقيه، التي بدت جلية ليس فحسب في تعاملهم الوحشي والموثق ذاك مع المجني عليه، وإنما مع مجمل ضحاياه في المنطقة، بأنه الأسلوب الأمثل والأنجع للتعامل مع أبناء التربة والشمايتين عموما في توصيف واضح ودقيق ليس فحسب لمدى الاستهتار الذي يحكم سلوكه وسلوك أسياده في حزب الإصلاح المهيمنين على مفاصل الحياة اليومية لمجتمع الحجرية، وإنما أيضا لمدى الإفلاس الأخلاقي الذي بلغته جحافل الاستبداد الديني من مطاوعة الشر الذين أوغلوا في غيهم وفسادهم حدا لم يعد بالإمكان تقبله أو التعايش معه.
وبالطبع، فإن الهدف الرئيس من وراء اعتداء بشمركة الشيباني ذاك على الشاب محمود جميل المنصوب ومداهمة منزله ليلا بذلك الشكل العلني وبتلك الهمجية المقاربة لهمجية الصهاينة، يكمن في رغبة الشيباني بالسطو اللصوصي على قطعة أرض تخص الضحية المؤتمن عليها بوصفها وقفا دينيا تاريخيا من أوقاف الشيخ عمر الطيار والملحقة ضمن أملاك مسجد الطيار الأثري ومقبرة التربة الرئيسية والقائم عليها المجني عليه بشكل متوارث أبا عن جد، كما هو مبين في الوثائق الرسمية المرفقة والصادرة عن وزارتي الأوقاف والأشغال، إلى أن قرر طاغية الشمايتين عبدالعزيز الشيباني، وخلافا للتوجيهات الرسمية القاضية بمنعه والتحقيق معه أصلا، الاستيلاء عليها بالقوة لبناء منشأة حركية تابعة لحزب الإصلاح بحسب زعمه تحت مسمى «جمعية خيرية»، في إطار مساعيهم الحالية والمحمومة -أي الإصلاحيبن- لتكثيف وجودهم الحركي والمليشياوي كبنية موازية لما يفعله وينفذه طارق عفاش في مناطق الساحل الغربي بغية تعزيز حضورهم المستقبلي في المنطقة على حساب أمنها وأمن وحقوق وممتلكات أبنائها التي باتت مملوكة لهم وبشكل مشاعي منذ أن نُكبت الحجرية عموماً بوجودهم وشرهم المستطير.
ولعل الأمر اللافت هنا يكمن في تعالي صرخات الحمد والتكبير والاستحسان التي أعقبت ذلك الاعتداء والتي طغت بدرجة كبيرة على عويل وصرخات ضحاياه، والمنطلقة من حناجر جلاوزة الخونج لما قام به بعبعهم المريض عبدالعزيز ردمان ضد أسرة ضعيفة ومستضعفة، باعتباره -أي الاعتداء- إحدى بشائر النصر الإخوانجي المؤزر في سياق حربهم الحتمية والضروس لتطهير هذا المجتمع الذي كثر فيه الفساد وتنوعت فيه خطايا العباد.
وبالطبع، فقد كان لإشارات المدح والثناء والاستحسان الإخوانجي لفضائل عبدالعزيز ردمان وبسالته ضد من لا حول لهم ولا قوة، أثرها المعنوي والعميق على الرجل، لدرجة دفعته إلى الإيمان الذاتي بعظمته الشخصية وصنميته الاستبدادية الزائدة والتي يسعى من خلالها، ربما وبدرجة مؤكدة، إلى تخطي عقدة النقص الذاتي والعائلي التاريخية التي تؤرقه كونه منحدرا في الأساس من أسرة عمل أفرادها وتوارثوا مهنة الجزارة أبا عن جد إلى أن تحسنت ظروف والده المادية ليقرر على ضوئها هجر هذه المهنة والانتقال بأسرته إلى منطقة بني شيبة للإقامة فيها في محاولة مدروسة للتبرؤ من تاريخ العائلة المهني ومحاولة اكتساب مكانة اجتماعية جديدة وراقية.
الأمر الذي حفزه أيضا لامتلاك الجراءة على النظر والتطلع أبعد بكثير من أنفه وحجمه الحقيقي من خلال قيامه بتجنيد طابور عريض من المطبلين والمتملقين، وجلهم طبعا من أصحاب السكسوكات الطويلة واللحي المسربلة لترويج فكرة إحلاله كضرورة محل رئيسه التنفيذي المباشر «البعبع نبيل شمسان»، كونه الأكفأ والمؤهل من الناحيتين الموضوعية والتقنية لقيادة المحافظة التي لم يتبق منها سوى اسمها المحفور عميقا بذاكرتنا الثكلى، بعد أن انتفى وجودها الفعلي من الخارطة منذ أن أخذت الحرب منها ما أخذت، فيما تفيد الإخوان بقيتها، منذ أن جثموا عليها ككابوس يومي يمزق أنفاس أغلب قطاعاتها الاجتماعية، حيث القمع والسلب والنهب المشاعي للأموال والممتلكات وأعمال القتل والتنكيل والتجويع والتشريد باتت من الوسائل الرئيسية التي يطبقها أمراء حزب الإصلاح وقادته وبطرق عديدة ومبتكرة لتطويع الروح المجتمعية وجعلها لينة ومنصاعة وبما يسهم في تمكين المجتمعات المحلية المنكوبة من التسليم الأعمى لسلطة الأمر الواقع الإخوانجية.
ويبقى السؤال هنا قائما ومتمحورا حول مدى وفداحة الثمن الذي سيتعين على مجتمع الحجرية الاستمرار بدفعه جراء وقوعهم المتهور تحت تأثير «الإغواء الإخوانجي» وبقوالب متعددة لن تكون آخرها تلك الفعلة التي حولت أغلبية سكان الشمايتين إلى ضحايا لحروب الخونج الأهلية المشنة داخل الحرب الراهنة.


 الرئيس التنفيذي 
لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن ـ 
رئيس قطاع الحقوق والحريات فــي 
الاتحاد الوطني للفئات المهمشة
 في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات