أمريكا وشغف العدوان المتصهين ضد بلادنا
- محمد القيرعي الثلاثاء , 6 مـايـو , 2025 الساعة 12:54:24 AM
- 0 تعليقات
محمد القيرعي / لا ميديا -
لعلكم جميعاً شاهدتم تلك الصور والمشاهد المأساوية والمروعة الحية التي تداولتها قنوات التلفزة المختلفة لنتائج الهجوم العدواني الأمريكي الجبان على مركز مخصص لإيواء المهاجرين غير النظاميين بمدينة صعدة، وجلهم بطبيعة الحال من المهاجرين الأفارقة (أبناء عمومتنا معشر المهمشين)، بما خلفته من دمار واسع في هياكل الأبنية المختلطة بالجثث والأشلاء المحترقة والمتفحمة لما يربو على السبعين قتيلاً، أغلبهم لاجئون ومهاجرون أفارقة، عدا عن الجرحى الذين فاق عددهم الخمسين جريحاً.
وكأنّ السيد ترامب لم يكتفِ بإنجاز طيرانه المحقق في الليلة السابقة (مساء الأحد) بارتكابه مجزرة أسفر عنها استشهاد ثمانية أشخاص، جلهم من الأطفال والنساء، بقصف إجرامي استهدف ثلاثة منازل في منطقة ثقبان، شمالي العاصمة صنعاء. كما أنها ليست المرة الأولى في تاريخ أمريكا الإجرامي، التي تزهق فيها أرواح المدنيين الأبرياء في شتى أصقاع العالم.
فأمريكا بلد نشأ في الأساس على أبجديات الجريمة بكل صنوفها. فمنذ عصر كريستوفر كولومبوس قبل خمسة قرون ونيف، حينما أبيد سكان القارة الأصليون (شعوب الهنود الحمر) على يد جحافلها الأوائل من مستوطني ومغتصبي القارة الذين قدموا إليها كالمغول، إلى جرائم الإبادة العرقية التي ميزت هوسها العنصري المريع ضد زنوجها على امتداد تاريخها الوجودي المخجل، إلى جرائمها الذرية الموغلة في الوحشية ضد مدنيي ناجازاكي وهيروشيما اليابانيتين في أغسطس 1945، إلى فيتنام التي أُهلكت فيها الحرث والنسل والبشر ببادرة عدوانية غير مسبوقة خلال ستينيات وسبعينيات القرن الفائت، مروراً بتدخلها الموغل في البربرية في كلٍّ من غرينادا وجمهورية تشيلي في أمريكا اللاتينية، وصولاً إلى جرائم الحرب المرتكبة من قبل قواتها إبان احتلالها العدواني للعراق، وغيرها من الجرائم المروعة المرتكبة حتى اللحظة بالوكالة عنها وعبر أدواتها في أغلب قارات العالم.
لكن ما يميز شغفها العدواني الطاغي اليوم حيال بلادنا يكمن في العنجهية المحكومة بنزعة التصهين الرامية إلى إخضاع شعبنا وبلادنا، وإبقائها دائرة ومقيدة قسراً تحت باب الطاعة الصهيو- خليجية - أمريكية، وهو الأمر الذي لم يعد تحقيقه وارداً أو ممكناً بالمطلق؛ لا عبر القوة والوحشية العدوانية المنتهجة حالياً ولا عبر الوسائل الدبلوماسية والسلمية، أياً كانت.
لأن الفارق الجوهري بين الأمس واليوم يكمن في تنامي مستويات الوعي الثوري - التحرري المقاوم والناشئ في بلادنا بمستوياته الاجتماعية والجماهيرية والوطنية بالصورة التي لمستها أمريكا وحلفاؤها بجلاء، من خلال إدراكهم الواعي لتأثيرات النزوع التحرري الوطني السلبية على مشاريعهم العدوانية.
وما هذه الوحشية التي ميزت مؤخراً نهج إدارة ترامب تحديداً إلا دليل على مدى وعيهم بقوة إرادتنا الوطنية المقاومة، ومحاولة يائسة ومفضوحة للتغطية على إخفاقاتهم العسكرية المتوالية والرامية إلى إخضاع شعبنا وبلادنا.
إنها أبجديات المقاومة التي رجحت كفة المواجهة لصالح الشعوب المقاومة على الكفاف. فالتفوق التكنولوجي الهائل لم يفلح في منع بواسل دفاعنا الجوي من إسقاط طائرة (F/A-18E) ذات الكلفة المادية والتقنية العالية، والتي تعد فخر القوات الجوية الأمريكية، ليل الاثنين الفائت، مذلولة ومهانة فوق مياهنا الإقليمية على البحر الأحمر. كما لم تتمكن التكنولوجيا المتقدمة ذاتها والمصبوغة بالعجرفة الصهيوأمريكية من منع صواريخنا المجنحة والبالستية من استهداف الحاملة “يو إس إس ترومان” والقطع الحربية المرافقة لها، بالتوازي مع ضرب أهداف حيوية في عسقلان وسط الكيان “الإسرائيلي”.
فمتى سيتعين على ترامب وأركان إدارته المهووسون بالقوة إدراك حقيقة أن الشعوب التواقة للانعتاق لا يمكن تطويعها بالقوة؟!
ولو أمعن المعتوه ترامب في تاريخ بلادنا بموضوعية فاحصة لأدرك بجلاء أن تفاصيله حافلة بأحداث جسام لقوى استعمارية جبارة حاولت منذ عهد الفرس والرومان والبرتغاليين والإنجليز تطويعنا قبل أن تعود أدراجها تجر أذيال العجز والخيبة والانكسار.
المصدر محمد القيرعي
زيارة جميع مقالات: محمد القيرعي