ناصر 67
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
يوم أن ذُبح الثور الأبيض أو الأسود تاريخ 6 يونيو، عند هزيمة جمال عبدالناصر، انتشر معجم لغوي سياسي على لسان مثقفي مصر وعامتهم، وفيه عبارة مبتذلة هي: «كل شيء تمام يا فندم»! وهي عبارة ناقدة شديدة التعبير والتأثير مفادها السخرية والتهكم على الذين يسترزقون بالنفاق والمجاملة، لأولي النُّهى، أو على الأصح لأولي الأمر، الذين كانوا يصدرون قرارات السلم، وربما الحرب، دون رؤية أو تقدير للموقف أو المواقف.
كانت هذه العبارة، ذات الأصل التركي المصري، تسخر من «ماسحي أجواخ» المسؤولين، الذين كان همهم تضليل القرارات الوطنية وتحريفها عن السداد والتوفيق.
علل بعض القيادات بأسف بالغ، أن من أسباب هزيمة حزيران 67 رفع تقارير غير حقيقية إلى جمال عبدالناصر، وقيل حينها إن الفريق محمد فوزي، وزير الحربية، أطلق نار مسدسه على عبدالحكيم عامر الذي لامه جمال عبدالناصر حين زار مكتبه الذي امتلأ بجمال السكرتيرات، فقال له: «إيه ده يا حكيم؟!»، فرد عليه: «لتلطيف الجو يا سيادة الريس». وقيل إن جهاز المخابرات قد اختُرق من قبل «الموساد»، وكانت المخابرات بقيادة صلاح نصر ترفع التقارير إلى القيادة «كل شي تام يا فندم»!
الناقد بصير. والطبيب الأكثر فشلاً هو الذي يحاول أن يخفي عن مريضه داء السرطان، ويكتفي بأن يقول له ليطمئنه إن لديه حمى تعالج بالأسبرين!
إن تجارب الشعوب علم متداول وخبرة للجميع. وشعبنا اليمني لما يزل حافلاً بالتجارب، وقادتنا السياسيون لما يزالوا طور التجريب، فليس «كل شي تمام يا فندم»!!
وعلى سبيل المثال: لا أعلم إن كان هناك قانون للاستثمار، ولئن كان هذا القانون موجوداً، فلماذا الاستثمار فاشل في بلادنا؟! إن المستثمر جبان، والأسباب التي تطرد الاستثمار كثيرة، من أبرزها -ولا يمنعنا كتاب الله أن نسكت- وجود الرشوة، وقرارات قد تصدر عن طفل عابث مجنون يلغي بجرة قلم هذا القانون أو ذاك، ثم لا يوجد ضمان كما يقال للمستثمر!

أترك تعليقاً

التعليقات