طلع البدر علينا (الحلقة 3)
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
من دلائل النبوة
«دلائل النبوة» كتاب للمحدث الكبير الإمام البيهقي. مجلدان رصد فيهما بشارات أو دلائل نبوة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ابتداءً من واقعة «غار حراء»، الذي يبعد عن الحرم المكي الشريف بضعة كيلومترات.
فلقد هيأ الله لسيدنا محمد أسباباً ليكون مستعداً لتقبل رسالة الوحي السماوي الأقدس، فلقد كان هذا النبي الكريم يقضي ليله يتعبد ربه في هذا المكان القفر الموحش، يتفكر في خلق السماوات، من خالق هذه الكواكب والنجوم التي لا تكل عن الإشراق والغروب، عن هذا القمر الذي يطلع كل شهر ويغيب آخر كل شهر؟ من خالق هذا الليل الموحش المهيب، وخالق هذه الحيوانات المفترسة التي لا يطيب لها إلا السير في أهازيع هذه الليالي السود؟ من لهذا الطير الذي له أجنحة «صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن»؟ من لهذا الوحش الهائم في البرّيّة يطلب رزقه رغباً ورهباً؟ كيف يتكون الإنسان «من نطفة أمشاج نبتليه» فكان سميعاً بصيراً يرزقه الله في ظلمات ثلاث!
ولقد نكون مسلمين مطالبين بفاعلية الإحساس اللغوي لنتذوق جمال النص القرآني، فيضيف إلى مفهومات قدمائنا المفسرين الأجلاء مفهومات مهمة وضرورية، فعلى سبيل المثال: فسر المفسرون قوله تعالى: {ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك} بأن الوزر أو الذنب الذي اقترفه سيدنا محمد هو إعراضه عن عبدالله بن أم مكتوم، الصحابي الأعمى، وقبوله فدية الأسرى يوم بدر، والذي يبدو أنه أنقض ظهر سيدنا محمد هو تفكيره في هذا الخلق البديع للأكوان عموماً، بما فيه خلق الإنسان من ماء الرجل يتدفق في رحم الأنثى فيستوي خلقاً في أحسن تقويم.
ولهذا أمر الله عباده أن يتفكروا في خلق الموجودات، وأولها الإنسان ذاته، بقوله تعالى: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}.
إن كثيراً من أقوال مفسري القرآن الكريم تحتاج إعادة نظر وحساسية ذوق وأناقة خطاب.

أترك تعليقاً

التعليقات