غداء استثنائي..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

فجأة وبدون مقدمات، حانت مني التفاتة إلى صديقي، ومعها تنهيدة عميقة، ووجدت نفسي أقول له: يا أخي نشتي زواجة، ضبحنا من هذي العيشة.
لحظة لحظة.. آسف على هذه البداية التي لا تليق بمقال يتحدث عن "نصر من الله"، دعوني أحكي لكم القصة من أولها.
في تمام الثانية والنصف قبل العصر، قضيت على ما أعدته أمي العزيزة من شهيّ الطعام، بعد أن حرمتني مشاغل الحياة وغيابي عن البيت من هذا الغداء الاستثنائي لفترة لا يستهان بها، ثم وليت وجهي شطر تلفازنا المتواضع والأشبه بـ"طبق بيض" من حيث الحجم، لأمتع عيني بالمشاهد التي وعدنا بها العميد يحيى سريع، رأيت آلافاً من الأسرى بجنسيات مختلفة، ورأيت مئات المدرعات والآليات بأنواع مختلفة، ورأيت مئات الكيلومترات تم تطهيرها بالكامل، رأيت ما رأيت، كل ثانية من تلك المشاهد تستحق سجدة شكر خاصة بها.. يا الله ما أكرمك، وما أعظم تأييدك لعبادك المجاهدين في سبيلك.
انتهى مؤتمر المتحدث باسم القوات المسلحة، وقد ترك في أنفسنا سعادة لا تنتهي، وبعد أن سجدت الشكر وصليت العصر خرجت للقاء أحد الأصدقاء، تبادلنا التحايا وعبَّر كل منا عن شعوره بعد رؤية تلك المشاهد العظيمة لعملية "نصر من الله"، ثم مرَّت بنا دقيقة صمت.
وفجأة وبدون مقدمات، حانت مني التفاتة إلى صديقي، ومعها تنهيدة عميقة، ووجدت نفسي أقول له: يا أخي نشتي زواجة، ضبحنا من هذي العيشة.
ظننته سينهرني ويصيح في وجهي: الله المستعان، الناس في انتصارات عظيمة وأنت حسك عند الزواجة. 
لكن ما حدث هو العكس تماماً، فقد قابل تنهيدتي بابتسامة تبعث الطمأنينة، وقال بهدوء: لا تقلق يا صاحبي، عادك شفت العملية الكبرى والنصر العظيم، ما ذلحين قد احنا عنتزوج.
لم أفهم شيئاً مما قال، نظرت إليه باستغراب وأنا أقول: الحمدلله رب العالمين على الانتصارات، لكن أمانة عليك ما دخل العملية هذي بالزواجة؟!
فأجاب على سؤالي بضحكة الواثق من نفسه، ثم بدأ بشرح نظريته الغريبة، لكنها تستحق الإعجاب.
يقول صديقي هذا إن عملية "نصر من الله"، هي العملية الأكبر منذ بدء العدوان الظالم على بلدنا، بل هي الأكبر في تاريخ الحروب العسكرية، فتطهير أكثر من 300 كيلومتر وأسر 2000 مقاتل واغتنام وتدمير مئات المدرعات والآليات في عملية واحدة، هو شيء أشبه بالخيال.. أضف إلى هذه العملية الضربات النوعية التي تنفذها قواتنا المسلحة على منشآت النفط السعودية، مثل بقيق وخريص والشيبة، كل هذه الأحداث لها ثقلها ووزنها في المرحلة التي نمر بها، أي أنها تعجِّل بالنصر الأكبر، وتقصِّر من عمر تحالف الشر.
ولأن أوغاد التحالف هم من حاصروا البلاد والعباد من البر والبحر والجو، وحرمونا من أبسط مقومات الحياة، إضافة إلى نقل البنك المركزي دون وجه حق إلى محافظة عدن المحتلة، فهزيمتهم تعني بزوغ شمس الخير.
ستعود الرواتب المنقطعة إلى أصحابها، ستنهض عملتنا العزيزة من عثرتها، سيتم تشغيل ثرواتنا وتسخيرها لهذا الشعب المظلوم... الخ.
يؤكد لي صديقي أن هذا سيحدث قريباً جداً، لأن تحالف "عيال الكلب" بات يلفظ أنفاسه الأخيرة، وحينها لا بد أن تتيسر أمور الزواج لكل عازب ظلمته الحياة.
سلام الله على رجال الرجال في كل الجبهات، وسلام الله على هذه النظرية التي "ترد الروح" كما يقولون، وألف لعنة على كل إنسان يمني لم يفرح بهذه العملية الكبرى.. حتى ولو هو متزوج.

أترك تعليقاً

التعليقات