6 أيام في رحاب الله
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

يزعجنا ازدحام الأصوات واختلاطها في الحياة، وتكاد كثرة الضغوط الضخمة تغلب محاولاتنا الهزيلة التي تصبو بضعف ملحوظ إلى تذكر خالقها وخالق كل شيء، ناهيك عن الخطايا التي لا تتوانى تغرقنا في مستنقع الناسين أنفسهم والمنسيين عند ربهم، وتجلب لنا الرزايا بأنواعها، فمهما أدرت ظهرك لنزواتك الدنيوية وتجهمت في وجهها بحزم، لن تتمكن من حماية ما بقي لدى نفسك من زكاء، والسبب هو مكوثك الاضطراري في المدينة للقيام بأعمالك الجهادية.. ورجس المدينة لا يرحم ضعفاً أو قلة حيلة، وهذا معلوم.
إلى أن يأتي الفرج الإلهي على متن رسالة من إذاعة "21 سبتمبر" تطلبك لحضور "دورة ثقافية رمضانية" لا تزيد مدتها عن 6 أيام و5 ليالٍ قِصار، وهذا حال الليالي هناك، لأن الوقت في ضيافة الرحمن يصبح أسرع من الصوت، ولكن المهم أنها انتشلتك من عالم الضوضاء الفارغة إلى عالم التائبين العابدين الحامدين السائحين.. إلى آخر ما قاله الله عنهم.
أما ما زاد الأمر جمالاً والنفس زكاءً، فهي انتصارات إلهية وبطولات خالدة كانت تجبرنا يومياً على إخفاض رؤوسنا والسجود شكراً لله عقب سجودنا المفروض في الصلاة، ولو كان الفلاسفة والحكماء حاضرين معنا لبادروا باستعجال إلى تغيير نظريات "علم الجمال" الذي احتل باباً من أبواب الفلسفة عبر التاريخ، فتسبيحة واحدة تتخللها بشرى نصر عظيم تنسف كل مقاييس الجمال ومعاييره التقليدية، ما بالك إذا كانت بشائر نصر المجاهدين تتوالى على مسامعنا في كل سجود وركوع.
فمنذ أولى لحظات تلك الضيافة وسواعد المؤمنين تضرب الذين كفروا فوق الأعناق وتضرب منهم كل بنان.. وليكن تطهير مدينة الفاخر في قعطبة الضالع مثالاً بسيطاً لملاحم الأرض.
أما السماء فالحديث عنها يطول.. إذ إن هناك رجزاً إلهياً لطالما اخترق أجواء مملكة الشر وأرعب حكامها بما كانوا يظلمون، وفي الحقيقة لم نكن نعلم في الأيام الأولى من استضافتنا أن سلاح الجو المسير قد أعد العدة لينزل ضيفاً ثقيلاً بدوره في مطار نجران، ويبدو أن ذلك الرفيق الذي قال لي بالحرف: "شكلها باتكون دورة خير".. لم يكن يعلم أن "قاصف k2" ستشفي صدورنا بشكل شبه يومي وبين كل ركعة وأخرى.
حاولت أن أنظر للأمر من منظور مختلف قليلاً بعد الاختتام، تذكرت طلوع فجر ذلك اليوم الذي تبين فيه نبأ الانتصار قبل أن يتبين الخيط الأبيض، وهو يوم استهداف مخازن أسلحة الظالمين في مطار نجران، أما فجر اليوم التالي فقد كانت المفاجأة فيه أكبر والصفعة أشد، حيث تم استهداف الطائرات الحربية في ذات المطار بحديدها ونارها، وهذا انتقام بسيط لدماء المدنيين الذين تقصفهم يومياً بشحمهم ولحمهم.
ثم جاءت ثالثة العمليات في ثالث الأيام توالياً، مع تغير الزمان إلى العصر ليس إلا، أما المكان فقد بات مفضلاً لطائراتنا المسيرة، وهذه المرة لم تخترق الأجواء السعودية فقط، بل اخترق صدى صوتها أذني كبير المجرمين "ترامب"، بتدميرها الدقيق لمنظومة الحماية الأمريكية "باتريوت" التي بدت أمام شعب اليمن لا حول لها ولا قوة، ومنظومة لا تستطيع حماية نفسها كيف لها أن تحمي أجواء بلاد بأسرها.
وبعد ساعات قليلة من ضربات "قاصفk2" عادت إلى أذهاننا "صماد3"، بمشاهد كشفها الإعلام لأول مرة، تتضمن لحظات استهداف مطار أبوظبي الدولي، تلك اللحظات التي حاولت فيها دويلة الإمارات أن تبدو قوية ومقاومة للآلام قبل ما يقارب العام، على غير دراية منها بأن الثأر لدماء الرئيس الصماد لا يتم دون توثيق.
قد أبدو لكم كسولاً جداً بمقالي المتأخر بضعة أيام عن ثلاثية سلاح الجو، بينما كل ما أردت هو أن تعرفوا هذه الحقيقة.
عندما يطمئن قلبك بمحاضرة لقائد المسيرة القرآنية، وتعظم بصيرتك بمحاضرة أخرى للشهيد القائد رضوان الله عليهما، ويزداد زكاء نفسك صياماً وتسبيحاً واستغفاراً وتلاوةً للقرآن، ويشفى صدرك بأنباء بطولات خالدة.. إذا حظيت بهذا كله في أقل من 24 ساعة، فاعلم أنه يوم من أيام الله.

أترك تعليقاً

التعليقات