منظومة الملاطيم
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

جدتي لما تتنهد وتقول: "الله يرحم أيام زمان"، أنا على طول أفهم أنها تقصد هذيك الأيام، لما كانت تشتري شوالة بر خمسين كيلو بأربع بقش. وعندها حق في هذا، أتخيل المراحل الطويلة التي مرت بها في حياتها لما وصلت الشوالة إلى 15 ألف ريال يمني، يعني عاصرت قمة الاكتفاء الذاتي، كما عاصرت قمة الجوع وارتفاع الأسعار، بفعل العدوان والحكومة البائدة.
لكن أنا لما أتنهد وأقول: الله يرحم أيام زمان، يكون قصدي مختلفاً تماماً عن قصد جدتي البسيطة حفظها الله. يعني هذيك الأيام لما كنا نحصل شوية حياء وخجل في النفوس، لما كانت "إسرائيل" خط أحمر، والحديث عنها يحسم كل النقاشات والاختلافات.
خلينا نفترض وجود شخصين يتناقشان في أحد المقايل، وتوجهات الطرفين مختلفة كل الاختلاف، لكن مهما احتدم النقاش ومهما تصادمت الآراء، لم يكن يجرؤ أي منهم على أن يُظهر انحيازاً لـ"إسرائيل"، أو قليل تعاطف مع الكيان الصهيوني. الكل متفق على أن هذا الكيان المحتل هو العدو الأخطر للأمة الإسلامية ومقدساتها، هكذا كان الوضع أيام زمان. أما في 2019 حدث ولا حرج.
قبل يومين قام الكيان الصهيوني بالتعدي على لبنان وقصف أراضيه بطائرات مسيرة. مسكت الريموت وجلست أقلب على أساس أشوف ردات فعل وسائل الإعلام. "العالم" تدين هذه الجريمة وتتحدث عن الصهيونية بشراسة. قناة "الميادين" تلعن وتشقدف لـ"إسرائيل" من شق وطرف. وعزيزتنا "المسيرة" تستنكر هذا التعدي الصهيوني القذر وتؤكد تضامن اليمنيين مع إخوتهم في لبنان وفلسطين وكل بقاع الأرض. المهم لما فتحت قناة "الحدث الأكبر" السعودية، هات يا بي هات! مله عيب يا عيال "مردخاي"! الناس يستحوا، ليش هذا الفرح كله بضرب دولة عربية من قبل "إسرائيل"؟!، وليش تتكلموا عن "نتنياهو" وكأنه بطل قومي أو علم من أعلام الهدى؟!
فعلاً هو قائدكم وعلمكم، وعلى قول المثل: "العرق دساس"، واحنا عارفين أن الصهاينة أخوالكم، بس قصدي عاد الناس كانوا يستحوا ويطبعوا من تحت الطاولة.
الموضوع الثاني يا عيال قاطع الطريق، صدعتوا رؤوسنا بتحالفكم العربي، "ونجوى قاسم" كل يوم تعيد نفس الهدرة: استهدف التحالف العربي... طلع التحالف العربي... نزل التحالف العربي...
وفي الأخير يطلع خالكم "نتنياهو" يصرح بمشاركة كيانه عملياً في التحالف! والمقصود بعملياً هي الطلعات الجوية وعمليات استهداف المدارس والمستشفيات وغيرها من أهداف التحالف العبري. ثانياً: قلدكم الله يا جماعة الخير، هل يجوز تسمية هذا التحالف بـ"العربي" وهو انطلق من البيت الأبيض بواشنطن؟!
وإذا قلنا "تحالف دعم الشرعية" ضحكت علينا سائر المخلوقات! أيش من دعم وهو من طرد "شرعية" المزعومة من محافظة عدن المحتلة.
طيب خلاص، ابردوا من تحالف الجن، أصلاً من أول يوم أنا مقتنع أنه تحالف صهيوني أمريكي، لكن أمانة عليكم هل يجوز تسمية أي خائن يقاتل في صف "نتنياهو" مغرراً به؟!
أنا والله ما أسميه إلَّا يهودي ابن يهودي، قلك "مغرر به"، أصلاً لولا قيادة أنصار الله ذات القلب الرحيم والواسع لما كان هناك قرار عفو عام، وترحيب بالعائدين من صفوف العدوان الصهيوني.
أنا لو كان الأمر بيدي لأصدرت قراراً ينص على أن "أي منافق يرجع من جبهة العدو يتم ربطه واستدعاء أسر الشهداء الذين قضوا نحبهم خلال الخمس السنوات الأخيرة، سواءً المجاهدين أو ضحايا الغارات الإجرامية، وكل فرد من هذه الأسر يفعل له ملطام في الخد اليمين وملطام في الخد اليسار، لما يموت من شدة الملاطيم". هذي أجمل طريقة إعدام بحق من أعانوا العدو الصهيوني على قتل إخوتهم.
احمد ربك يا منافق على وجود السيد عبدالملك وقرار العفو العام، وافهم أن "نتنياهو" أقام عليك الحجة بتصريحه. الفرصة سانحة أمامك للرجوع إلى بني وطنك، اقطب وارجع قبل أن يتم تفعيل منظومة الملاطيم!

أترك تعليقاً

التعليقات