ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / #لا_ميديا -

من اليمني إبراهيم يحيى المتمترس في استوديو مساحته 5 أمتار مربعة، إلى الموديل اللبنانية غادة عويس العارضة لآخر الأزياء وتسريحات الشعر على مسرح «الجزيرة» القطرية.. أما بعد...
فكرت كثيراً قبل كتابة هذه الرسالة وتوجيهها إليك، فأنا شاب بسيط لم تمض 3 سنوات على دخولي مجال الإعلام، وأنتِ صحفية لديها خبرة ما يقارب ربع قرن من الزمان، ثم قررت أن هناك عدة أشياء يتوجب عليك معرفتها للضرورة.
أولاً.. كوني على يقين بأنني خلال الفترة البسيطة التي عملت فيها إعلامياً، أظهرت من العداء لإسرائيل ما لم تظهريه طوال 20 عاماً من نسج الحروف وتلحين الكلام، وأنني جعلت من استوديو صغير في إذاعة «21 سبتمبر»، سلاحاً أقض به مضاجع من أرعبوا أميرك المبجل، بينما أنتم بكل إمكانياتكم المهولة لم تهزوا لهم شعرة.
يعمل خلفك عشرات المحررين المترفين في بحبوحة العيش، ورغم هذا لا يستطيعون كتابة كلمة تغيظ العدو الصهيوني، ويعمل خلفي محرر جائع أرهقه جور الحياة وكدر العيش، لكنه يأتي باليقين، ويبحث عن كل نبأ فيه فضح للظالمين ونصرة للمستضعفين.
في هذه الإذاعة المتواضعة التي أنعم الله بها علينا، نحن مجاهدون ولسنا موظفين، مهمتنا خلق الخوف والهلع في قلوب فراعنة العصر وإجبارهم على تشغيل طائراتهم وإرسالها لاستهداف «برج بث» بصواريخ أكثر كلفة من البرج الذي ستسقط لتفجير نفسها عليه.
كل هذا يفعله أناس لا تساوي رواتبهم مجتمعين راتباً واحداً يتقاضاه أصغر موظف في قناتكم الشيطانية، ثم نرى أكبر إنجازاتكم يتلخص في إحضار ضيفين وإشعال الفتنة بينهما تحت عنوان «الاتجاه المعاكس»، وكالعادة يتم إنهاء الحلقة وسط شجار عنيف بالأيدي والشتائم!
في صنعاء نستيقظ صباحاً ونخرج باحثين عن صحيفة «لا» وصفحاتها المكتظة بالعزة والكرامة، فنرى على غلافها مقاتلاً يمنياً يدوس بقدميه الحافيتين دبابة أمريكية، ثم نقلب الصفحات ونتبسم لرؤية معجزات مجاهدينا الأبطال وهي تزاحم بعضها في المكان، بينما تستيقظون في الدوحة لمشاهدة أرباب نعمتكم يقبلون أيادي الغرب على غلاف صحيفة «الشروق»، وطوابير الحروف في الداخل تطأطئ رؤوسها معلنة عن خجل وخزي شديد، ورغم هذا لا أدري لماذا تصرف صحيفتكم على إصدار عدد واحد أضعاف الميزانية السنوية لصحيفة «لا».. إنكم تشترون العار بالمال.
قبل أيام قال لك الثائر الحر «محمد البخيتي» إن تحرير القدس سيكون على يد اليمنيين، ولست أجد في هذا تبريراً لغضبك ومقاطعتك حديثه بتلك الطريقة.
ألم تقرأي تقارير مركز المخابرات الصهيونية التي تعلن قلق الكيان من تنامي قدرات المجاهد اليمني؟
ألم تسمعي شكاوى «نتنياهو» في مؤتمرات العمالة والارتهان، ومطالبته بإيقاف تقدم المجاهد اليمني؟
ألم تري شعار «الموت لإسرائيل» الملتصق على بندقية المجاهد اليمني؟
ألم تعلمي أن المجاهد اليمني يلعن أمريكا وإسرائيل بعد إطلاق كل صاروخ باليستي؟
ألم يخبرك أسيادك بأن تحالفاً كونياً بقيادة أمريكا يحاول منذ 5 أعوام صنع أبسط انتصار أمام المجاهد اليمني؟
إذا كانت مراكز المخابرات الصهيونية تعترف بخوفها من قدرات الجيش واللجان الشعبية اليمنية، فمن تكونين أنتِ لتسخري منهم؟
ثم إذا لم نحرر القدس ببندقية جهاد وصاروخ باليستي، فهل ستحررينها بأحمر شفاه وكريم أساس؟
رغم عنجهية لهجتك، إلا أن «البخيتي» حافظ على قيمه وأخلاقه العالية، بل اعتبرك أخته الفاضلة وهو يخبرك بهدوء بأن تحالف الشر هو من يتحمل مسؤولية المجاعة في اليمن.
لو كان التحالف حريصاً على أطفالنا لصرف مرتبات آبائهم وفك حصاره الجائر عليهم، كان يكفيهم ملياراً واحداً من الـ500 مليار دولار التي أنفقها في سفك دمائهم ونزع أرواحهم.
وأنتِ أيضاً لو كنتِ حريصة على أطفالنا لتحدثتِ عن مظلوميتهم كما تتحدثين باستمرار عن قضايا هامشية، لكنك لم تمنحي مجزرة أطفال ضحيان ربع حديثك الذي منحته لخاشقجي.. إن كانت كل جهودك مبذولة لرجل دخل قنصلية سعودية ولم يخرج، فأولئك 100 طفل خرجوا في رحلة مدرسية ولم يعودوا.
كفاكم كذباً ومزايدة بمظلوميات الآخرين، فأطفال اليمن جائعون وليسوا أغبياء، هم يعلمون أن مرتب شهر واحد مما تتقاضينه يكفي لإشباع جوعهم وإسكات صياح معداتهم.
أما تفاخر «البخيتي» بموقفنا المناهض لقوى الاستكبار، فهذا أمر طبيعي ولا يستدعي كل ذلك الغضب، فنحن من رفضنا صفقة القرن حين أخفضتم رؤوسكم، وخرجنا لمساندة الفلسطينيين حين أدرتم ظهوركم، ونحن مستمرون في مقارعة الظالمين والتفاخر بعد كل صرخة وطلقة، لذلك أرجو ألا تغضبي في المرات القادمة، وفي حال رأيناك تلعنين نتنياهو وترامب مرة واحدة كما نفعل كل يوم، حينها سنمنحك حق التفاخر.
أنا أعلم أنك تعتنقين المسيحية، ولا أحاول في حديثي أن أحصر الكرامة بدين الإسلام، فهناك الكثير من أبناء جلدتك وديانتك في لبنان كانوا خير سند لسيد المقاومة بموقفهم ضد الاحتلال الصهيوني، إنما من باب الصراحة لا أخفيك بأن طريقة مقاطعتك المستفزة ذكرتني بالمثل القائل «ذكرني فوك حماري أهلي»، كما أن أسلوبك الماكر يذكرني بـ»يهوذا الإسخريوطي»، ذلك الرجل الذي كان تلميذاً للمسيح عليه السلام قبل أن يخونه ويمكر به لأجل المال، مع وضع ألف خط تحت «المال».
أخيراً، أرجو أن تلتمسي العذر لإطالتي في الحديث، وأن تستغلي وقتك بفعل الأشياء المفيدة، مثلاً جربي قراءة الصحيفة الروسية «نيزافيسيمايا غازيتا»، فقد نشرت مقالاً جيداً عن قدرات الحوثيين القتالية وامتلاكهم أسلحة ومعدات حديثة، أو استمعي لبيانات حركات المقاومة الفلسطينية التي تعبر عن امتنانها لمبادرة السيد عبدالملك، وتوزيعه الطيارين الأسيرين (بالمناصفة) بين مظلوميتي اليمن وفلسطين، أو حتى اذهبي لممارسة اليوغا والتأمل في الطبيعة.. لا يهم.

أترك تعليقاً

التعليقات