وسوسة الشيطان..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

كنت جالساً يومذاك مطمئناً في أمان الله، أشاهد على التلفزيون فيلماً وثائقياً يتحدث عن حياة الغاب والبراري، ذلك العالم الدموي حيث تأكل الحيوانات بعضها ولا يبقى إلا الأقوى، وبعد عدة مشاهد عنيفة وقاسية وسوس لي الشيطان أن أغير القناة، فغيرتها لأجد أمامي خبراً عريضاً مكتوباً باللون الأحمر مفاده أن «الحوثيين اعتقلوا 20 مدنياً في صنعاء بتهمة مساندة العدوان واقتادوهم إلى جهة مجهولة»، ففزعت وغيرت القناة لأرى مذيعاً يعلن خبر اختطاف 50 مواطناً على يد «عصابة حوثية»، ولأن تحالف الشر منذ انطلاقه افتتح 50 ألف قناة تنبح باسمه وتلعق قذارة وجهه البشع، فقد كنت محاصراً بين هذه الفضائيات اللعينة التي لا تنتهي، وكلما غيرت القناة وجدت أختها تتحدث عن «الانتهاكات الحوثية»، تلك تقول إن «قيادياً حوثياً» أمر بسجن نصف أهالي صنعاء، وأخرى تعلن مقتل حارة بأكملها على يد «حوثي متوحش»، وثالثة تدعي أن «طقماً حوثياً» مسرعاً داس عمارة سكنية وتسبب بهدمها على رؤوس ساكنيها، ومن نجا منهم تم اعتقاله وإخفاؤه قسرياً.
كادت هذه الأخبار تقتلني رعباً، وظننت أنه لم ينجُ أحد في صنعاء سوى الموجودين تحت هذا السقف، فاختبأت في إحدى الغرف ولم أخرج من البيت مطلقاً، وبعد مرور أسبوع من الخوف والرعب تذكرت أن «الحوثيين» هم أنفسهم «أنصار الله»، وضربت بيدي على جبيني، فلماذا قد يعتقلونني وأنا واحد منهم!
خرجت إلى الشارع الرئيسي وفوجئت برؤيته مكتظاً بالمارة والسيارات والباعة المتجولين، والحارات أيضاً على طبيعتها تحتضن الأطفال وألعابهم وضحكاتهم البريئة، كان كل شيء ينبض بالحياة، ولم يعتقل أو يختطف أحد كما تقول تلك القنوات الكاذبة، حتى إنني صادفت العديد من المحرضين على الفتنة والمدافعين عن تحالف العدوان، رأيت أحدهم يشتم أنصار الله ويتهمهم بأنهم يعتقلون الناس، ثم بعد ذلك عاد إلى بيته دون أن يتم اعتقاله أو اعتراضه.
هم يدركون كم أن هذه الفئة عادلة ومتسامحة، ولذلك يقدحون فيها وهم تحت ظلها، أما تكميم الأفواه الذي أشغلونا به فلا وجود له سوى في الجنوب المحتل.
في تلك المناطق الخاضعة للاحتلال الإماراتي السعودي لا يسمحون لك حتى بذكر الله، ولذلك تم اعتقال المواطن الحر «عبدالفتاح جماجم».
شخص واحد صرخ في وجههم فتم اعتقاله وقتله خلف زنازين مليشيا ما يسمى المجلس الانتقالي، وفي صنعاء تجد فوق كل باص 4 ركاب يبررون جرائم العدوان ويفترون على رجال الرجال أبشع الافتراءات، ورغم ذلك يعيشون حياتهم بكل حرية.
ناهيك عن انتمائك السياسي، في تلك المناطق قد تتعرض للقتل بسبب لهجتك أو لقبك، ولذلك أصبح المواطن الشمالي يتجنب دخولها أو المرور منها، فهي بالنسبة له غابة مليئة بالوحوش والقتلة والمجرمين، أضف إلى ذلك أنهم لم يستطيعوا التعايش مع بعضهم أصلاً، فالبقاء هناك للأقوى كما في الفيلم الوثائقي الذي يحكي عن الغاب.
المهم إذا قال لكم أحدهم إن الحوثيين اعتقلوا (ابن عم خالة جدة صديقه) دون ذنب، فأخبروه أنه بينما كان المسخ المحسوب مثقفاً «خ. ش» نائماً داخل بيته في صنعاء بكل أمان، تم تعذيب الجنوبي «عبدالفتاح جماجم» في عدن حتى فاضت روحه من شدة الألم، هذا هو الفرق بين الحوثيين وأعدائهم.
السلام على الإنسانية الحوثية، واللعنة على كل ما دونها.

أترك تعليقاً

التعليقات

عبدالرحمن عايض
  • الخميس , 26 نـوفـمـبـر , 2020 الساعة 5:36:23 AM

كلماتك تلامس القلب لانها الاقرب الى الحقيقه معانات الشعوب هي افضل الاسباب لزيادة ارصدتهم بالبنوك لذاك من مصلحتهم بقاء شعوب ودول بهذه الحاله لانه اذا عم الامن والسلام العالم فلاداعي لوجودهم او بالاصح سيتم الاستغناء عن بعضهم او تخفيف الانفاق عليهم