لعنة اليمن 2-1
 

عبد المؤمن علي الديلمي

عبد المؤمن علي الديلمي / لا ميديا

إنها لعنة لم تشابهها لعنة من قبل. ليست لعنة تصيب فرداً أو أفراداً، كما يروى عن لعنة الفراعنة... إنها لعنة من نوع آخر، أشد وأقسى، ونتائجها كارثية، تصيب دولا بأكملها... إنها (لعنة اليمن)، ولها قصة يجب أن تروى.
في مساء يوم السادس والعشرين من شهر مارس من عام 2015م، ومن دون سابق إنذار أو جريرة ارتكبتها اليمن بحق أي دولة، أعلن من واشنطن المدعو عادل الجبير، سفير مملكة داعش الكبرى لدى أمريكا حينها، بدء عدوان همجي بربري ووحشي على اليمن، تحت مسمى (عاصفة الحزم)، وبذريعة إعادة الشرعية ووقف المد الفارسي المجوسي الرافضي... قام بالعدوان على اليمن تحالف دولي تقوده (ظاهراً) مملكة داعش الكبرى، بالوكالة عن أمريكا (قائدة التحالف)، وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا، وأعلن أن هذا التحالف يضم دويلة الإمارات ومحافظة البحرين التابعة لمملكة داعش الكبرى، وقطر ومصر والأردن والمغرب والسودان، وأطلق عليه: (التحالف العربي)، وكأن هذا التحالف يواجه طرفاً أو عدواً غير عربي! كما أعلن انضمام دول إسلامية إلى هذا التحالف، وكأن الطرف المعادي دولة غير اسلامية! فصار بحق تحالفاً شيطانياً يقوده الشيطان نفسه (أمريكا). تشكل هذا التحالف الشيطاني تحت إغراء وبريق المال والذهب السعوديين. لم يكتف التحالف بجيوش وإمكانات دول التحالف، بل استقدم عشرات الآلاف من المرتزقة من السنغال وبلاك ووتر وكولومبيا وتشاد، ومن كل أصقاع الأرض، ولا ننسى المرتزقة والخونة اليمنيين، الأقل سعراً... كل ذلك على أساس أن العدوان على اليمن بكل هذه الجيوش بما تملكه من ترسانة حربية حديثة وجبارة، مدعومة بعشرات الآلاف من المرتزقة الأجانب والمحليين، قادر على الوصول إلى العاصمة صنعاء خلال أسابيع قليلة، وفي أسوأ الأحوال، يمكنه حسم الحرب خلال أشهر معدودة، والسيطرة على كامل الأراضي اليمنية... هكذا كان المخطط، وهكذا تقول النظريات والقواعد العسكرية.. جيوش أكثر من 18 دولة، بما تملكه من إمكانات تسليحية حديثة هائلة، مدعومة بعشرات الآلاف من المرتزقة، في مواجهة ما يطلقون عليها (مليشيات) عديدها بضعة آلاف قليلة، وعتادها لا يذكر أمام ما تمتلكه دول العدوان.. زد على ذلك أن ما كانت اليمن تمتلكه من أسلحة دفاع جوي وطائرات مقاتلة وعسكرية تكفل الخائن (هادي) بتدميرها إبان حكمه المشؤوم.
هكذا تصورت دول العدوان، متناسية حقيقة تاريخية هامة، مفادها أن (اليمن مقبرة الغزاة)، حتى وإن ذكرت دول العدوان بها، لم تحفل بها، لأنها وبما تمتلكه من جيوش وعتاد وأموال، لم يساورها أدنى شك بانتصارها الساحق الماحق في مدة وجيزة، وكانت تظن (وظنها في محله) أن هذه الجيوش قادرة على سحق جيوش عشر دول أكبر من اليمن عشرات المرات... لكن الذي خالف ظنها أن كل ذلك لا ينطبق على اليمن، لأن اليمن استثناء من كل القواعد والنظريات... هكذا كان المشهد والتصور. ومرت الأسابيع، والشهور، والسنون، تجرع التحالف فيها ألواناً من الهزائم النكراء، وذاق البأس اليماني في كل الجبهات، وعلم -بعد فوات الأوان- أن حساب الحقل لا يطابق حساب البيدر... شارفت السنة الرابعة من الحرب على الانتهاء... فماذا حققت دول العدوان بعد نحو 4 سنوات؟ الجواب: لا شيء... إلا مزيداً من التنكيل بجيوشها ومرتزقتها وتمريغها وسلاحها الذي تفاخر به في أوحال المذلة والعار والشنار.. لن نخوض في تفاصيل هزائم دول العدوان، وفي انتصارات جيشنا الوطني ولجاننا الشعبية، الذين اجترحوا وصنعوا معجزات حقيقية، في زمن عزت فيه المعجزات.. فالعالم كله يشهد بها، العدو قبل الصديق. الذي يهمنا في هذا المقام هو التذكير بحقيقة مهمة للغاية، تتلخص في كلمتين هما: لعنة اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات