خوارج أمريكا..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

هناك فرق واضح بين الأمور التي تدعو للاستغراب والأخرى التي لا تدعو، على سبيل المثال أنا لا أستغرب عندما أرى سلسلة مطاعم «كنتاكي» الأمريكية تفتتح لها فروعاً في معظم دول أوروبا والشرق الأوسط، فهذا مطعم مشهور ذائع الصيت ومن الطبيعي أن يتوسع وينمي تجارته، وفي المقابل لا أستغرب مطلقاً عند رؤية برامج المواهب واكتشاف النجوم بنسخها الأمريكية والأوروبية والتركية والهندية والكورية والصينية والعربية، فالشركات المنتجة تحب بسط نفوذها قدر الإمكان لتحقق أعلى نسبة إفساد وأرباح في الوقت نفسه.
لكنني والله وقعت ضحية بيد الاستغراب والتعجب والاندهاش فور رؤيتي «ترامب» وهو يرفع الإنجيل، إذ إنه ليس من الطبيعي أبداً أن يفتتح «عمرو بن العاص» فرعاً في أمريكا، فالرجل مات وانتهت تجارته بالدين قبل 1400 سنة.
المعتوه «دونالد ترامب» يعلم علم اليقين أن ضباط الشرطة الأربعة قد قتلوا أكذوبة الديمقراطية وأزهقوا روحها .
بإزهاق روح المواطن الأسود «جورج فلويد»، ولم يعد هناك مجال للتغني بهذا الشعار الميت، فقرر الاستعانة بمكر «ابن العاص» للتخلص من المحتجين، وراح بكل بلاهة يرفع الإنجيل ويدعو السود الغاضبين للتحكيم، وحتى الآن لم تظهر أية ردة فعل تجاه الأمر، ولم يظهر أي خوارج، هناك فقط سود غاضبون لا يكترثون بدين أو كتاب، وليس لهم قائد أصلاً ليخذلوه بالخروج عليه وتصديق «ابن العاص ـ فرع أمريكا».
لا فائدة من الخداع بعد الآن، فأمريكا باتت عارية تماماً لا يستر سوءتها شيء، وبدت للأنظار بشاعتها ووحشيتها وفداحة ظلمها، وأصبحت الأسماع تشمئز وتشعر بالغثيان عند سماعها تتغنى بأكذوبة الديمقراطية.
كل مخدوع بوهم الحرية والعدل والمساواة في الولايات المتحدة، لا بد له أن يستيقظ عند رؤية البيض أصحاب القلوب السوداء يقتلون الرجل الأسود صاحب القلب الأبيض دون ذنب اقترفه، وهذا أيضاً من الأمور التي تدعو للاستغراب، هم حاسبوا رجلاً على لون بشرته، فأين العدالة المزعومة لتحاسبهم على لون قلوبهم؟!
الولايات المتحدة بلد الخداع والتزييف والتضليل، ولذلك فإن كل شيء هناك يدعو للاستغراب، حتى إنه في ولاية «مينيسوتا» لا يحكمون على أخطر المجرمين بالإعدام، فهذا الحكم ملغي في قانونهم ـ بحسب زعمهم ـ لكنهم يعدمون رجلاً في الشارع دون محاكمة وبكل وحشية بسبب لونه الأسود، ثم يلفقون تهمة جرمهم على ورقة نقدية فئة 20 دولاراً وهي بريئة مما يقولون! حتى مبنى الرئاسة عندهم اسمه «البيت الأبيض»، إنها عنصرية تدعو للاستغراب فعلاً.
في بلد الديمقراطية وحقوق الإنسان عليك أن تحذر من أمور لا تستدعي الحذر، مثلاً عليك أن تحذر من أن تولد بلون أسود، ما لم فلا تلومن إلا نفسك، ولا تستغرب عندما يعدمونك كما أعدموا «جورج فلويد» والمئات من أمثاله.
إذا كنت من الأمريكيين السود فنحن سنستغرب بدلاً عنك، وأنت توخَّ الحذر فقط.. وحاول أن تبقى حياً.

أترك تعليقاً

التعليقات