وبعد رحيله.. يقهرهم
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

بالحديث عن قهر المعتدين، وإذاقتهم مرارة الحنظل التي جنوها كنتاجٍ طبيعي لمحاولاتهم البائسة سلب الإنسان اليمني حلاوة العيش دون وصاية خانقة أو استعمار نهّاب، فلا بد أن يكون الرئيس الشهيد صالح علي الصماد هو العنوان والمتن وخاتمة المقال.
رئيس كهذا بات شبه منعدم في زمن الانبطاح الجماعي تحت أقدام الإمبريالية الرجعية اللعينة، وعصر الافتراس الأمريكي الحاقد على كل شعيرة إسلامية ولسانٍ عربي مبين.
فمن خلال متابعتي للأحداث بت أعتقد أن هناك مادة في القانون الأمريكي تنص على عدم السماح لأي رئيس بالعيش إن لم يمتلك أرصدة في البنوك وأسهماً كبيرة في سوق المال العالمي. ولا شك أن المعلومات الاستخبارية أخبرتهم أن في اليمن رئيساً يقطن وأبناءه منزلاً بالإيجار. ولأن هذا الرئيس كان بحق أنموذجاً حياً لمقارعة قوى الطاغوت بأشكالها المختلفة، بدءاً بوقوفه الشامخ إلى جانب شعبه في وجه تحالف الشيطان، وصولاً إلى تمسكه الشديد بقضية أرض فلسطين المغتصبة، لطالما سعى العدو بكل الوسائل والأساليب للنيل منه وإطفاء نوره الوهاج الذي أصاب أعين منافقيه بالعمى والكمه. وأمرٌ طبيعي أن تتضاعف كمية الحقد والسخط الشيطاني ضد هذا الرئيس الإنسان عقب إخماد فتنة ديسمبر التي كانت ورقة أخيرة تقوم عليها رهانات الإستبداد الخاسرة، لتتوالى بعدها المؤامرات والمكائد من قبل المنافقين والعملاء الذين هزمهم "ديسمبر" وحطّم آمالهم في تقديم "اليمن" كأضحيةٍ وقربان لآلهتهم الفاسدة أخلاقياً والمنحطة سياسياً.
حتى جاء يوم الخيانة العظمى والانحطاط الأدنى على مر الحقب التي عاشتها اليمن، يوم أن وضعت أياديهم الخبيثة شريحة تعقبية في سيارة الرئيس الأشرف والأطهر أثناء نزوله الميداني المعتاد إلى أرض تهامة لتأصيل الصمود اليماني والتأكيد على استقبال جيوش الاستعمار بفوهات البنادق وعلى رؤوس الخناجر. والواقع أن طائرات العدوان والإجرام نالت من شريحتها التعقبية ولم تنل من الرئيس؛ أنّى لها ذلك وقد ارتقت روحه طهراً ونقاءً قبل أن ترتقي اصطفاءً إلى بارئها مع ستة أرواح أبت إلَّا أن ترافقها في رحلة العروج إلى سماء الملائكة والأنبياء.
وبهذه الفاجعة الكبرى والخسارة العظيمة خيم الحزن على نفوس الأحرار؛ كيف لا وقد كان أباً عطوفاً لكل يتيم، وولداً بارّاً لكل ثكلى وزوجها، وعائلةً متكاملة لمن لا عائلة له؟! ولكن قرناء الصماد ما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، فالحزن لا يعني الهزيمة، كما أن نشوة المجرم لا تمت للنصر بصلة، وبالتالي سار أحرار هذا الشعب على الطريق ذاتها التي عبّدها الصماد بدمائه الطاهرة، متخذين من كلمات قائد الثورة يحفظه الله بلسماً عجيباً يداوي جراحهم، وماءً عذباً يطفئ نار فراقهم ومصابهم، ليستيقظ بعدها العدو من نشوته على وقع خيبات وخيبات، رسمت ملامحها إنجازات عسكرية يمانية بأسلحة تكتيكية "صمادية". والصورة الأسمى لهذا هي المعجزة العجيبة التي صنعها الله على يد مجاهدينا الأحرار، الذين خلدوا ذكرى استشهاده باصطياد طائرة مماثلة لتلك التي اغتالت الصماد لتهوي على مزرعته في صعدة، ليكون اسم "الصماد" كابوساً يجثم على صدور الذين كفروا، ويستمر دائماً مِن مقعد صدقه عند مليك مقتدر في إذاقتهم ويلات ما اقترفوا بحقه وحق شعبه.
سيدي الرئيس صالح علي الصماد، بعد عامٍ من ذهابك، ها هو شعبك يحمل من اسمك الصلاح والعلو والصمود، معتقداً في طيات ثباته أنك المقصود بقول الله تعالى: (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ)، وها هو يحفظ بجهاده واستبساله اتزان الأرض نيابة عن قدمَيك الطاهرتَين.

أترك تعليقاً

التعليقات