متلازمة حب الخيانة..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

علمت قبل عدة أشهر أن الخوف له ثلاثة أنواع، وقد استقيت هذه المعلومة الخطيرة من كلمة الرئيس المغترب «هادي» التي انتشرت حينذاك، حيث قال إن النوع الأول في الدماغ، والثاني في الصدر، والثالث في الأقدام، وأكد أن أفضل قائد هو الذي يكون خوفه في الصدر، ولا أدري لماذا الصدر بالذات!
ربما اختاره بسبب تأثير المطاعم السعودية التي تعرض على مدار الساعة صوراً شهية لـ»صدور دجاج البروست».
ما علينا.. الموضوع الأساس أنني يا «حوثيين» لا أخافكم مطلقاً، ولا بأي نوع من أنواع الخوف المذكورة، وسأقول لكم بكل صراحة إنني أكرهكم وأبغضكم جداً جداً!
لا ملامة علي في ذلك، فمنذ نعومة أظفاري وأنا أسمع أنكم أبناء الكهوف المظلمة والجبال القاسية، وجميعنا يعلم أن الكهوف تمثل التخلف والرجعية، ولو كنتم من أبناء القصور الواسعة والبارات الصاخبة التي تُبنى بأموال الجياع لأحببتكم كحب المجنون لـ«ليلى»!
أنا أكرهكم أيها «الحوثيون»، لأن الوضع الاقتصادي يتدهور كل يوم منذ عرفناكم، حتى أصبح الدولار في «صنعاء المحاصرة» يباع بـ605 ريالات، بينما يباع في «عدن المحررة» بـ811 ريالاً، ورغم ذلك مازلت أمقت إدارتكم الناجحة وأحب حكومة الفنادق وسياستها الفاشلة، مازلت أكرهكم وأعشق أعداءكم حد الجنون، تماماً كما يكره الذباب النظافة ويعشق القذارة والوساخة!
إنكم تحكمون صنعاء والمحافظات التي تحت نفوذكم بمثالية مفرطة، وبحسب الفتوى الزندانية فإن الإفراط في أي شيء باستثناء «الحناء» حرام، لذلك أنتم مجوس كفار يجب التقرب إلى الله ببغضكم وقتالكم.
أنتم أيها الحوثيون السبب في حزننا الشديد على مقتل المواطن «عبدالله الأغبري»، لأن محاربتكم للجريمة ويقظتكم الأمنية العالية شكلت كبتاً لدى المجرمين حتى نسينا تلك الأخبار، ثم انفجر هذا الكبت داخل دكان الهواتف بتعذيب «الأغبري» وقتله بهذه الوحشية، فكانت الصدمة شديدة علينا، وبرغم أنكم قبضتم على المجرمين وتعملون على محاكمتهم فإنكم تظلون السبب في حزننا، حيث كان الأحرى بكم أن تجعلوا صنعاء ساحة حرب عشوائية مثل عدن التي اعتدنا منها مشاهدة جرائم القتل والتعذيب والاغتصاب بشكل روتيني، ولن نصدم عندما ترتكب هذه الجريمة لأننا معتادون!
أنا أعلم أن الأجهزة القضائية حالياً تستكمل التحقيقات والإجراءات للقصاص من الجناة، لكنني أيها «الحوثيون» سأخرج في مظاهرات للمطالبة بالقصاص من الجناة أيضاً، لا أعلم لماذا لكنني أكرهكم فقط، وأشعر برغبة جامحة بصنع الفوضى والتنغيص عليكم في أداء واجبكم الكامل تجاه القضية!
ورجاءً لا تطلبوا مني الحديث عن الجرائم التي تحدث في مناطق سيطرة الخونة والمحتلين، فالحب أعمى فعلاً كما تعلمون، وقد أعماني حب الخيانة عن رؤية تلك الجرائم.
فأنا أعلم أنه قبل عامين قُتلت عميدة كلية العلوم في جامعة عدن مع نجلها وحفيدتها ذات الأربعة أعوام، وأعلم أيضاً أن أحد الجنود في عدن قام في أكتوبر 2019 باغتصاب طفلة لم تكمل ربيعها الثامن، كما أنني سمعت قبل أكثر من عام عن جريمة تعذيب الشاب «محمد علي الإقليمي» وقتله بأكثر الطرق وحشية في حي الممدارة بذات المحافظة المشؤومة، ورأيت صور جثته ممزقة بعد تعذيبه واقتلاع عينيه، وأستطيع الآن أن أحصي لكم عشرات الجرائم التي ترتكب هناك وتنتهي دون اعتقال متهم واحد، ورغم ذلك لم أفتح فمي أو أتضامن بحرف واحد مع أولئك الضحايا المقهورين، اعتبروني لم أرها أو أسمع عنها شيئاً من الأساس، فالحب أعمى وأصم أيضاً.
قال أحدهم إن صنعاء التي تداعت لحضور زفاف الشاب التعزي «محمد الأغبري»، ستثبت إنسانيتها مرة أخرى بالقصاص من قتلة الشاب التعزي «عبدالله الأغبري»، وإن حدث ذلك وتم القصاص فأنا أعدكم أيها «الحوثيون» أنني سأجد عذراً آخر للصياح والتأفف في وجهكم.
بالمناسبة.. أنا أعيش في صنعاء وأنعم بأمنكم وأمانكم، ومازلت أكرهكم وأعشق كل السفاسف التي دونكم، أخبرني كثيرون بأنني مصاب بمرض «النفاق المزمن»، أما الطبيب النفسي فشخص حالتي علمياً بـ»متلازمة حب الخيانة».

أترك تعليقاً

التعليقات