طبطبة أمريكية
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

يا أخي، ما أجمل الأطفال، وما أجمل براءتهم عندما يصدقون أي شيء، بالذات الحركة الخطيرة التي يتخذها الكبار كاستراتيجية لإسكاتهم إذا بدؤوا بالبكاء، ولا تعملوش انفسكم أول مرة تسمعوا عن هذي الاستراتيجية.
مثلاً، عندما يكون الطفل فرحاً ومحتفل بتمكنه أخيراً من الوقوف والمشي كالآخرين، بعد مسيرة طويلة من المشي باستخدام الوسائد المسنودة للجدار، ومن شدة الفرحة يسيطر عليه التهور، ويمكنه أن يجري طوال اليوم من غرفة إلى غرفة على امتداد البيت، وفي لحظة غادرة وسوداء يتعثر فجأة أو (يتكحول) ويهوي برأسه على طاولة موضوعة أو أي جسم صلب، الحل الوحيد في هذه اللحظة الصعبة أنك تحتضن الطفل الذي بالتأكيد سيباشر البكاء، وتقوم بالطبطبة عليه وتخفيف آلامه بكلمات مثل (معلِش حبيبي، أنت أسد ما تبكيش..الخ)، ثم تشفي غليله بضرب الطاولة أمام ناظريه، ومن الضروري شتمها ووصفها بالحقيرة والشريرة وعدوة الطفولة.
كيف نتهمها بهذا كله وهي واقفة في أمان الله، ولم تغير مكانها الذي اخترناه نحن قيد أنملة؟
(مدري).. أهم شيء الولد يسكت ويعفينا عن سماع نياحه وعويله، أصلاً واصلة معانا "للنُخَر"، ومش ناقصين إزعاج.
أنا آسف لكتابة هذا الحشو غير المفيد عن الطفولة، ولتضييع وقتكم بهذه السطور المملة عن استراتيجيتي المستهلكة والمعروفة، بس كان ضروري عشان يضبط "التشبيه"، وبالأحرى هو ليس تشابهاً، وإنما تماثل حقيقي.
المهم، يوم السبت الماضي احتضن سابقة عجيبة لم تحدث أبداً من قبل، فلأول مرة في تاريخ البشرية يعرف المواطن السعودي المعنى الحقيقي لجملة "صباح الجن"، ويعرف المواطن اليمني بالمقابل المعنى الحقيقي لجملة "صباح الخير"، وما أطيب خيرك وبركاتك يا سلاح الجو!
الخبرة في المملكة بكروا على حريق ودخان نفس حق الأفلام، عفواً قصدي حريقَين ودخانين.. (كلمة "دخانين" شكلها مش راكبة بس مشوها عشاني)، أصلاً رجال الرجال ضربوا منشأتي "بقيق" و"خريص" النفطيتين، واستهداف منشأتين يعني حريقين "ودخانين".
بعد عملية توازن الردع الثانية للقوات المسلحة اليمنية، وصل بكاء "حمودي سلمان" إلى أعماق المحيط المتجمد الشمالي، كانوا يحاولون إطفاء الحريق وهو (يزيد أكثر)، والبكاء يزيد أكثر، وحاول تسكت لك جاهل.
وأحلى حاجة بالموضوع بيان العميد يحيى سريع وشكره للشرفاء الذين ساهموا في إنجاح العملية، صاحبنا قرَّح آخر فيوز للطفل المهفوف، وخلاهم يخرجوا للشوارع متخبطين، وأي "كائن حي" يحصلوه يقوموا باعتقاله.
طبعاً، كل محاولات الإسكات فشلت، وجلس "حمودي" يبكي على براميل النفط إلى بعد المغرب، حينها وجد "ترامب" نفسه مضطراً لاستخدام استراتيجيتي القديمة، التقط تلفونه ودق رقم عميله المدلل، قال له بصوت تملؤه المحبة: خلاص حبيبي يكفي، أنت أسد ما تبكيش.
أجابه "ابن سلمان" بصوت متقطع إثر البكاء: أصلاً كله بسببكم خليتونا نتذرب لليمنيين، ذلحين كيف ندي لكم الإتاوة وقد ضربوا البترول؟!
تنهد ترامب ورد بهدوء ونزاغة: معلِش يا حمودي ايش نسوي، أصلاً الحوثيين متوحشين وغدارين وبدون إنسانية، أهم شي الآن امسح دموعك وانهض مجدداً، والإتاوة نتكلم عليها بعدين.
شفتوا كيف طلع "ترامب" حنون وكيوت بتعامله مع أطفاله! طبعاً هذا هو ملخص المكالمة بين الرئيس الأمريكي وربيبه بحسب وكالة الأنباء السعودية، أنا ترجمتها ونقلتها إليكم بالعامية ليس إلا.
المهم، إذا لم يسمح الأول للأخير بإيقاف العدوان ورفع الحصار، أصحابنا في الجيش واللجان الشعبية جهزوا سيناريو سيكون الأكثر متعة للإعلام الدولي.. حمودي يتلطم، وترامب يطبطب.

أترك تعليقاً

التعليقات