إنه الخط نفسه.. لا بطله فحسب
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
هذا هو (نصر الله) (سيد الحضور والحب والحرب والجهاد والمقاومة والحرية والشهادة والشهداء والشجاعة والموقف والخطاب) بطلٌ لا يطفئه موت، ولا يختص به جيل، ولا يحد منه نطاق جغرافي، ولا يختزله زمنٌ بعينه، فيصير الآتون بعده لا يستحضرونه إلا كذكرى عطرة، مرةً في كل عام، ولا يتعاملون معه إلا كمحطة للتزود كلٌ بحسب قابليته في الفهم، وقدرته على الغوص في بحر النور الرحمني هذا. نعم؛ هيهات لمثله (عليه السلام المحمل بطيب الصلوات) أن يصير إطاراً لذكرى تطل في يوم من العام فقط، أو مجرد تاريخ مضى، وليس لنا معه إلا البحث عن الأسس التي بموجب الوعي بها نصبح مقتدين به كنموذج أو كبطل للخط الجهادي المقاوم، لماذا؟
لأنه كان الخط نفسه، قبل أن يكون بطلَ ذلك الخط؛ لأنه الامتداد الطبيعي لأهل البيت، الذين عاشوا للإنسانية كلها، وضحوا من أجل الناس كل الناس؛ وعلمونا: أن الدين الحق، والمنهج الحق، المعبرين عن الارتباط بالله، والمؤكدين لالتزام وحدانيته؛ هما اللذان يلمس الناس آثارهما على الذات المؤمنة بهما، من خلال؛ الانعكاس الحركي في كل قول وخطوة وموقف وفعل وسلوك ودافع. فالطريق إلى الله يمر عبر الناس، ومَن يقول: إنه لله، وإنه السالك سبيله؛ عليه أن يعي أن قمة القرب من الرحمن سبحانه هي؛ في القرب من عباده، نصرة لمظلوم، وعطاء لمحروم، ومحاربة لظالم وفاسد وباغ، وأخذاً بيد المستضعفين إلى مدارج القوة والعزة والعلم والبناء والتقدم والحرية، وشهادة بالحق مهما كان الثمن، وثورة على كل باطل كبر أم صغر.
إن رجلاً كانت كربلاء الطينة المتؤلفة منها ذاته، وكان الحسين الشخص والإمام والثورة روحه الساكن بين جنبيه؛ لن يكون إلا الزمن كله، وكأنه الشمس والقمر، ولن يكون وجوده متوقفا عند وجود جيل معين وانتهى الأمر، لأنه علق عمره كله في فلك (عاشوراء) وبنى مقامه ومستقره ومعاشه وحركته في أرض كربلاء، التي سكنته ولم يسكنها، فكانت كل الأرض بالنسبة له، تلك التي مهما اتسعت، وتعددت قاراتها وقومياتها، وتباينت أعراق وألسن وملل ساكنيها، فإنها ليست سوى ساحة صراع بين معسكرين: (حسيني) و(يزيدي).
ذاك هو (نصر الله) ذاك هو (السيد) مجاهداً وقائداً وشهيداً.
لذلك وجدناه اليوم وقد استحال إلى روح توزعت على خمسة وسبعين ألفا من أبناء (كشافة الإمام المهدي) (أجيال السيد) الذين يحملون بطلتهم بشارة إلى كل حر ما زال على العهد، بأن (السيد الفرد) صار أجيالاً، سيصنعون أجيالاً، إلى أن يصير لبنان كله (نصر الله) كيف لا ودمه هو النهر الساقي لهذه الزروع، بل كان هو الزارع والساقي معاً؟!
فما أعظمها من حياة؛ تلك التي ما إن ارتقى السيد الفرد، الذي حمل هم أمة، حتى ابتدت بالسيد، لكن في أجيال وليس في فرد أو جيل! إن الزرع حتماً سيبقى المحتوى الذي من خلاله سنرى الزارع، ونعيش معه، وهذا زرع نصر الله، الذي نحياه بهم أملاً وتعافيا ونصرا بعد نصر بإذن الله.

أترك تعليقاً

التعليقات