فصل المعركة الأخطر
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
غزةُ؛ سفينةُ طوفانٍ تفجر قبل عامين من اليوم، ولن ينتهي أبداً حتى تحرير فلسطين كلها، وإغراق عصابات الكيان الصهيوني في محيطات من نار، تفني وجوده الطارئ، فتعيد للأرض قدسيتها ونضارتها، وتكسب الوجود العربي والإسلامي المجد والعزة، وتعيد إليه ما ضيعه من شرفه وكرامته وإنسانيته، وترتقي به إلى مقام الفطرة السليمة، التي تجعله بمستوى الرسالة العالمية التي يحملها.
غزةُ؛ ليست بجاريةٍ كي تجذبها جرةُ قلم إلى فراش (ترامب) ولا قطعة أرض يمكن منحها لحلف (شمال الأطلسي) بفرمان (عثماني) ومباركة (إخونجوهابية سعودية قطرية) بل هي الروح. وأي روح؟!
روح المقاومة والجهاد، مدرسة الصبر والثبات، المساحة التي برغم صغرها الجغرافي، إلا أنها قد باتت بحجم الكرة الأرضية برمتها؛ وذلك بما تم لها من فضل، إذ بإشعاعها خرجت الإنسانية من ظلل التجهيل، وظلمات الباطل، إلى رحابة الحق، ونور الحقيقة، وسعة المعرفة بالواقع كله. فوعى معظم بني البشر مَن هو الصهيوني؛ وماذا صنعه الاستكبار الأميركي في العالم الإسلامي، وجلبه من ويلات على معظم بقاع الدنيا.
غزةُ؛ سماؤنا الواعدة بانبلاج فجر النصر، وإشراقة شمس الظهور والتمكين في الأرض لكل المستضعفين من كل عرق ولون ووطن ولسان وملة ودين. غزةُ؛ فاضحةٌ كاشفة، لها رجالها، ورجالها لهم رجالٌ ساندوا، وبذلوا، وصمدوا، وحملوا معهم الكلفة، وقاسموهم الألم والمأساة، ووثقوا ارتباطهم بهم دماً وجراحاً، من لبنان حزب الله، بشهيده الأقدس، الأمين الصادق الوعد، وثلة من صفوة القادة الخلص، إلى عراق الحشد، فإيران الثورة، فيمن الأنصار، هؤلاء هم الجديرون بالفرح بالنصر لأنهم أهله، والمعنيون بما يلي وقف العدوان على غزة لأنهم مَن واجه مجرميه، وحال دون تحقيق أهدافهم التدميرية.
فيا كل حرٍ مقاوم: إن المعركة ما زالت قائمة، وقد انتهت جولة مؤذنةً بولادة أخرى، الأمر الذي يحتم عليك البقاء في ساحة المعركة، التي ما إن تتوقف الغارات، وتصمت المدافع، حتى يبدأ الفصل الأخطر؛ الفصل الذي يعنى بكتابة السردية التي توثق كل شيء، وتحافظ على مكتسبات النصر، وتثمن كل تلك الآلام والمعاناة والمآسي والبطولات، وتجسد التزامها بإبلاغ رسالة الدم والدمع إلى كل قلب عبر الزمن.
ولا يخفى عليك: أن محور الاعتلال والمساومة والتتبيع والتطبيع بتركيا الناتو، وقطر الخونجية المنبطحة، ومملكة الوهابية السعودية، وأذيالهم؛ يسعون إلى تقديم أنفسهم كبديل عن محور المقاومة، ويقدمون بين يدي الجماهير سردية مفادها: أنهم صنعوا بالدبلوماسية ما عجزت عنه البندقية! وبالتالي فالمقاومة جنون وعبث، ونذير شر، وجالبة دمار وموت وجوع وكل سوء على العالم! وبهذا تدان الضحية، ويبرأ الجلاد، ويجرم الشرف، ويحتفى بالعار، ويؤتمن الخونة والعملاء، ويخون المضحون الشرفاء.
إنما عجزت عن تحقيقه أمريكا والصهيونية، ومنظومة الاستكبار بالحديد والنار على امتداد عامين، سوف يتم تحقيقه بوسائط أعرابية عثمانية مستنفطة، إذا لم يقم كل حر بدوره، في تعريتهم وكشفهم، ونزع أوراق التوت التي يودون من خلالها تغطية عوراتهم، وتبييض صفحاتهم كشركاء في قتل الفلسطيني وحصاره والتآمر عليه لسبعة وسبعين عاما.

أترك تعليقاً

التعليقات