إنها «بدر» الثالثة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
منذ انبلاج فجر الثورة الإيرانية، وإشراقة شمس صبح الجمهورية الإسلامية، ظهر مفهوم جديد للحرب؛ إذ بات جمهور الثورة لا يلقي بالاً لما لدى عدوه الظالم المستكبر من سلاح، ولا يعبأ بمستوى الفوارق بينه وبين هذا العدو، الذي مهما امتلك من أسلحة فتاكة، وحاز على كل مقومات النفوذ والغلبة، فإن الإيراني الثوري يرى نفسه أقوى منه، ولو لم يمتلك عُشر ما لدى قوى الاستكبار؛ لأنه قد عرف من خلال المدرسة الثورية ما هي الحرب. فقيادته علمته أن القوة الحقيقية هي قوة الإرادة، قوة الإيمان، والوعي والبصيرة والعلم والمعرفة، وهذه القوة كفيلة بالانتصار، وقادرة على إنتاج متطلبات المعركة من سلاح، لمواجهة مَن يعتبرون السلاح كل شيء في ميدان السباق لامتلاك القوة.
لقد رسخت قيادة الثورة الإيرانية في عقول وقلوب رجالاتها من علماء وجنود وجماهير وأنصار أن كل حالة عدوانية يتخذها المستكبر تجاههم ستبوء بالفشل والخسران، وبالتالي فكل حرب تفرض على الجمهورية الإسلامية ما هي إلا اختبارٌ لاستراتيجية النخبة، وإيمان الشعب، وفاعلية الهياكل التي تقوم عليها الدولة، ومدى فهم الجماهير لـ»تحديد العدو».
إن قوة السلاح، في غياب الإرادة والإيمان والشرعية ومنطق الدفاع المشروع، تُصبح مجرد هيكلٍ بلا روح.
الحرب، في هذا النظام الفكري، ليست نهاية المطاف، بل هي عتبةٌ لبلوغ مرحلةٍ أسمى من تطور الأمم. هذه النظرة ليست مُحرِّضةً على الحرب من أجل الحرب، ولا منطلقة من الرغبة بالهيمنة على المحيط وفرض سلطان أصحابها، وإشباع غريزة التوحش بسفك الدماء، وإحداث الدمار لكل شيء، ولا مسالمةً ساذجة، بل هي واقعية، لاهوتية، وقائمة على الشرف والكرامة وكافة المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية.
الحرب، إذا فُهمت وأُديرت بشكل صحيح، تُعدّ فرصةً لبناء الأمم والحضارات والصحوة العالمية. في هذا المجال، تنتصر الأمة إذا انتصرت في جبهات الفهم والإيمان والسردية الإعلامية والفنية والأدبية، لكون المعركة العسكرية ما هي إلا تحصيل حاصل، أي أن النصر في ساحة المعركة أو الهزيمة أمر محسوم سلفاً، على ضوء ما تقرره تلك الجبهات السالفة الذكر.
وعليه، جاز لنا أن نتوجه إلى المثبطين والمخذلين والمهزومين نفسياً، ولكل الذين يعملون على تخويف الناس، وبث الشائعات، وزعزعة الاستقرار، وإظهار الجمهورية الإسلامية بعيون أبنائها وحلفائها والذين يحبونها ويدينون بالولاء لقائدها على أنها ضعيفة، وقابلة للهزيمة والاستسلام، لنقول لهم جميعاً:
هذه الجمهورية الإسلامية، التي تسير بدرب الإمام أمير المؤمنين، زادها القرآن، وعين الله ترعاها.
وكيف ينتكس مَن تمسك بحبل الله، وارتبط بالعروة الوثقى؟!
كيف ينتكس مَن تعلم في مدرسة الحسين، وكان كل يوم عنده عاشوراء، وكل أرضٍ كربلاء؟!
كيف ينتكس مَن كان يتتلمذ على يد زينب، ويتمثلها صبراً وموقفاً في مواجهة الطغاة المستكبرين؟!
كيف ينتكس مَن لولاه لما قامت للإسلام قائمة منذ الثمانينيات؟!
إنها «بدرٌ» الثالثة، ولن يثبت فيها إلا القلة؛ لكنها والله لمعركةٌ يعز بها الله أولياءه، وينصر دينه، ويكتب لعباده الصالحين الظهور والتمكين والغلبة.
إيران منتصرةٌ سيفاً ودماً.

أترك تعليقاً

التعليقات