الإعلام المتصهين وصناعة الحيرة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا يخفى على كل ذي معرفة بالصهيونية، ووحداتها المتخصصة بالحروب النفسية، والهجمات السيبرانية، أن  أحد أهم أسلحة الكيان اللقيط في السنوات الأخيرة هو إغراق منصات الإعلام بالتحليل الرمادي، والكلام المتظاهر بالعقلانية، وما تقوم به قنوات وشخصيات وصحف ومواقع وصفحات إلكترونية عربية من تخويف بالقدرة الصهيونية، وتشكيك بقدرات إيران والمقاومة، وصناعة الحيرة لدى الأمة واضح لكل ذي لب.
لقد سمعنا ونسمع الكثير من أولئك الذين يقدمون أنفسهم كباحثين وخبراء عسكريين واستراتيجيين، ومهنيين وهم يقولون علناً: كفى مكابرة، استسلم، ما عاد الأمر يفيد.
وهناك آخرون لا يقولون لك “استسلم”، بل يسألونك: “هل أنت متأكد أن إيران أصابت؟” وهل فعلاً أسقطت طائرات مهاجمة؟!
صحيح أنهم في أحايين كثيرة لا يقولون “العدو قوي”، بينما هم قالوا ذلك سابقاً، بل “لننتبه، لا نبالغ في تضخيم إنجازاتنا”.
وهكذا، بعبارات صغيرة، ينفذون عملية اختراق ذهني، وبدلاً من أن نخرج من الضربة الإيرانية أقوى، تُزرع فينا البذور السامة للخذلان والتردّد والتشكيك.
لكن وبرغم كل هذا الضجيج، فقد وصلت إلى مسامع وعيون العالم ضربات إيران، التي تجاوزت حجب كل هذه العتمة، وهزمت كل هذا التشويش والضجيج. إيران، كقوة إقليمية مستقلة، لا تضرب كي تُصفّق لها وسائل الإعلام، ولا تبحث عن “عناوين رئيسية” على غرار “إقالة وزير” أو “سقوط صاروخ على مقر”. هي تخوض معركة مركّبة، تعتمد على التراكم الاستراتيجي، لا الصدمة اللحظية.
إنها من خلال ضرباتها المسددة والقوية استطاعت أن توجه رسائل ردع عسكرية، رسائل سياسية، رسائل نفسية، وأهم من ذلك: تحافظ على معادلة الرد، وتمنع تحوّل العدوان الصهيوني إلى عادة بلا عقاب.
أما ما يدمي القلب، ويشعرك بمدى تفاهة النخبة المحسوبة على الإعلام العربي، والشبكات المهيمنة على صياغة رأي الجماهير أن كل هذا، يُسخّف من قِبلهم، بحجة أن “العدو لم يسقط بعد”، أو أن “الرد لم يكن كافياً”، وكأن المعركة بين إيران والكيان مباراة كرة قدم تنتهي بصافرة.
لذلك على كل حر القيام بتعريتهم، وكشفهم للناس كعملاء، يلبسون ثياب النخبة، ويمتهنون الإعلام أو التحليل، وهم في الحقيقة يخدمون الرواية الصهيونية بشكل مباشر أو غير مباشر، فتجدهم مثلاً يسخرون من المقاومة، ويضعون إيران في قفص الاتهام، ويمجّدون “واقعية” الكيان، في الوقت الذي يذرف فيه جنرالات “تل أبيب” دموع الرعب من “الرد القادم”.
هؤلاء ليسوا مجرد جهلة، بل كثير منهم يتحركون كأدوات مأجورة، والقليل القليل منهم مخترق فكرياً دون أن يعلم، ينفّذ ما خططت له غرف الحرب النفسية الصهيونية.
وهناك مسألة أخرى يحاول هؤلاء المتصهينون تقديمها كشاهد على ضعف إيران، وهي: مسألة استشهاد شخصية علمية هنا، واغتيال قيادية هناك، وهم بذلك يقيسون وضعية الأمة الإيرانية بوضعيتهم العربية المزرية، فقد اعتاد الشارع العربي على أن استشهاد رمز من رموزه الخلص الأحرار يترك فراغا، ويحدث باختفائه المادي ضعفا وتراجعا في الجبهة التي كان يتولاها، وهذا بعكس الإيرانيين تماماً، لذلك يلحظ المراقب أن فقد العرب لشرفائهم يشعرهم بالهزيمة، كون خسارته لا يمكن تعويضها على المدى القريب، لماذا؟
لأن بيئتنا العربية عقيمة في إنجاب الأحرار، والشرفاء، ونادراً ما تنجب لنا حرا وشريفا مقاوما، فإذا ما نهض لأداء دوره؛ تآمرنا عليه، ومكنا العدو منه، وقتلناه قبل أن يقتله عدونا.
إن إسلام إيران نابع عن وعي وقناعة، وجهادهم عبر الزمن ناتج عن ولاء وبيعة إيمان.
أما العرب فصالحوهم قلة، وأكثرهم طلاب غنيمة، وجاه، وهم أشد الناس كفرا ونفاقا، وأجهل الناس بحدود الله، وراجع التاريخ، لترى كم حسينا قتله العرب؟!

أترك تعليقاً

التعليقات