مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا يمكن لأي قوةٍ يمتلكها المستكبرون ويديرها ويحركها الطغاة والظالمون ويباركها المنافقون، أن تتمكن من هزيمة مجتمع تربى في كنف الرسالة، ونما وترعرع في رحاب الإسلام الأصيل، وعاش عمق وعيه ومعنى انتمائه لهذا الدين واقعاً من خلال العمل على ترجمة كل مفاهيم ومقاصد وقيم ومبادئ الإسلام في ما يحدثه من تحولات، ويبديه من مواقف، ويصنعه من ثورات ونهضات تستلهم كل خططها وبرامجها من الشريعة السمحاء مهما كان حجم تلك القوة، ومهما كانت شدة خطورتها وآثارها التدميرية والفتاكة، فهي عديمة الأثر، وقليلة التأثير مادام المجتمع الرسالي مخلصاً للرسالة ومحصناً من مرض حب الذات الذي ما دخل ساحةً من ساحات الحق على مدى التاريخ إلا شل حركتها، وأضعف قواها، وشتت شملها، وأسقطها من الداخل بعد أن كان مستحيلاً سقوطها على يد الباطل الذي عمل على إسقاطها بكل ما لديه.
راجعوا التاريخ الرسالي كله، فقد بين أن المراحل التي شهدت تقدماً وسيطرةً على كل شيء من قبل الباطل مقابل تراجع الحق وانكفائه وفقدانه القدرة على التأثير في النفوس، ناهيك عن أن يؤثر في الحياة ويكون له حكم في مختلف شؤونها، ما كان إلا بسبب تفشي هذا المرض بين الأتباع على الرغم من أن أولئك الأتباع كان لديهم الكثير من المؤهلات التي من شأنها أن تجعل منهم النموذج الذي يُستدلُ بوجوده على عظمة الإسلام وعالمية رسالته، فقد حظيت تلك المجتمعات بقيادة تجعلهم يرون أنهم لم يفقدوا من رسول الله صلى الله عليه وآله إلا شخصه، ولكن هيهات أن يدركوا ذلك نتيجة إخلادهم إلى الأرض واتباع الهوى والإخلاص للذات بدلاً من الإخلاص للرسالة.
لذلك علينا أخذ العبرة مما قد كان كي نحسن التصرف في ما سيكون، ولا بد للمعنيين في كل مؤسسات الدولة وفي كل ميادين المسؤولية استيعاب ذلك ليتمكنوا من امتلاك القدرة على جعل خطواتهم مثالاً حياً لعظمة المنهج وكماله، وجعل توجهاتهم منسجمةً مع صدق توجهات القيادة الربانية ووضوح توجيهاتها وسمو نفسها وكمال إيمانها ونفاذ بصيرتها، لأن أتباع "علي" اليوم ليسوا كأتباع "علي" بالأمس أبداً، فأغلبية مجتمع "علي" اليوم صورة من عمار والأشتر، وهذا يكفي ليعرف من كان امتداداً للأشعث بن قيس أنه لن يكون له تأثير على وعي المجتمع.

أترك تعليقاً

التعليقات