أرضية النصر الدائم
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا يختلف حران وشريفان في يمن الثورة والجهاد على أن واقع المرحلة لم يعد يحتمل المزيد من الأخطاء أو السلبيات أو الاختلالات، الأمر الذي يحتم على الجميع السعي لتصحيح أخطائهم، واكتشاف الجوانب السلبية التي صاحبت حركتهم العملية، وإدراك مواضع النقص ونقاط الخلل في كل مقامات ومواطن تحمُّل المسؤولية، لكي نتمكن من تجاوز كل الصعوبات في طريقنا لبلوغ شاطئ النجاة، ونستطيع تحقيق كل ما صاغه دم التضحية من آمال وتطلعات.
ولنتقِ الله أولاً وأخيراً في ما نقول ونكتب، لأن القضية ليست قضية شخص أو حزب، فنتعصب لها بالحق والباطل، ونقف معها في الخير والشر؛ وإنما هي قضية أمة، تتعلق بدينها ورسالتها ووجودها ومصيرها، فلنبتعد عن المجاملات، ولنتجنب المحاباة والعصبية كيف ما اتفق للأشخاص...
وما دمنا نتحسس من ذكر معايبنا وأخطائنا من قبل الآخرين، فلماذا لا نعمل نحن على كشفها، ثم نتفادى الوقوع فيها مجدداً، فنصلح أنفسنا وواقعنا؟!
هذا هو ما يجب القيام به. ما لم فغضب الله وسخطه سيحل بنا، ونُضرَب بتفريطنا من الله قبل الأعداء؛ كيف لا وثورتنا بنت الحركة والمسيرة الإلهية التي قادها جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام، وخلاصة التوجه الثوري والإصلاحي الذي قاده ورثة الكتاب من أئمة أهل البيت وأعلام الهدى، وثمرة التقاء نهرين من دم التضحيات لحسين الطف وحسين مران؟! وإذن، فهي مسيرةٌ وثورةٌ كُتِبَ لها الفلاح والفوز والنصر والخلود والاستمرارية الخلاقة، ما دامت تنطلق من منطلق الإيمان بالله، ورضاه سبحانه هو هدفها الأول والأخير، وتعاليم الله وآياته وأسماؤه هي المعالم التي نستلهم منها الكيفيات والمبادئ والقيم والنظم والقوانين الكفيلة بتحقيق هذا الهدف الكبير، الذي متى ما وعاه العاملون وعيَ عملٍ والتزام، تحقق على إثره لمجتمعهم وأمتهم كل ما يتطلعون إليه من عدل وعلم وقوة ورحمة، وتجلى على أيديهم كل ما يفتقرون إليه من عوامل قوة ووحدة، كالتعاون والتواضع والتماسك والسلام النفسي والاجتماعي، وغير ذلك من العوامل والمقومات والقيم التي تشكل بمجموعها هدف المسيرة القرآنية الرسالية الثورية النهضوية الصالحة.
إنه الهدف الذي بموجبه استطاعت ثورتنا تحقيق النصر والغلبة؛ إذ وُجِدَ من مجاهدينا رجالٌ كان رضى الله أسمى أمانيهم، فتمكنوا من فتح آفاق أرحب وأوسع أمام الثورة والثوار، وأكسبوا الجماهير المزيد من العزم والإرادة على مواصلة الطريق لنيل الحرية والاستقلال.
فكل ما شهدناه من إنجازات، لاسيما العسكرية منها، كانت نتيجة طبيعية لحركة ونشاط رجال كاملي الإيمان، كانوا كلما ضاقت أمامهم السبل، اهتدوا إلى جديد، وامتد بهم الدرب سعياً نحو المزيد.
وأخيراً، لا يليق بنا تجاهل نصح الناصحين، ولا التعالي على النقد، ولا التكبر عن الاعتراف بشطحاتنا وقصورنا وشططنا في أكثر من ساحة وميدان للعمل. صحيحٌ ليس كل منتقدٍ لطريقة معينة في الجانب العملي أو الفكري أو غيرهما لا بد أن يكون مخلصاً في توجهه وصادقاً في دعواه؛ لكن ذلك لا يعني بأي حالٍ من الأحوال خلو ساحة الناقدين والناصحين من الصادقين والحريصين على أمتهم ودينهم ومكتسبات ثورتهم، والمخلصين لربهم في ما يتناولونه بالنقد والتحليل والدراسة. كما يجب علينا أن نفرح بوجود ظاهرة النقد كمسؤولين، بل وأن نسعى على الدوام لتنميتها وتعزيزها، حتى تصبح هي الطابع العام لكل أبناء المجتمع؛ إذ بوجودها نضمن استحالة سقوط شعبنا في مربع الوصاية والعمالة والتبعية مجدداً، وبوجودها نضمن استمرارية التحرك الشامل لتحقيق البناء الحضاري القوي والراسخ والمتماسك، ونيل الحرية والاستقلال مهما كانت التحديات.

أترك تعليقاً

التعليقات