التغييرات الجذرية بوجه السيد القائد
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
عندما قال السيد القائد إن الوضع مُزرٍ، كان ذلك بمثابة تنبيه أخير للقائمين على الوضع بأن يصححوا أو يقدموا استقالاتهم، إن كانوا يحترمون أنفسهم. لكن التصحيح سيؤدي إلى وقف مصالحهم النهبوية (وقف فسادهم)، لأنه سيجعل الأموال التي تتدفق إلى جيوبهم تعود لخزينة الدولة، ووقف كل الجبايات غير القانونية، وتصحيح في إطار ضبط وتنمية الإيرادات بما لا يضر المواطنين ولا يثقل كاهلهم، وتحسين في الوضع المعيشي والخدمي، وكثير من الإجراءات التي ستوقف مصالح الفاسدين اللامشروعة، وتتسبب بنجاح باهر للمسيرة، بينما المخطط هو تشويهها وإفشالها مؤسساتياً، بعد أن فشل العدو وعجز عن تحقيق نصر عسكري، وبالتالي كان خيار التصحيح سيغلق مضخة تدر على شلة ومافيا المزريين أموالاً ضخمة، ومن ذا الذي يغلق بيده منبعاً مالياً بهذا الحجم؟! كما أنه سيفشل مشروع تحالف العدوان ويحرق كروته الأخيرة.
هؤلاء مشكلتهم لم تكن في القوانين والأنظمة والهياكل التنظيمية والسياسات كما يحاولون تصويره، وإنما كانت مشكلتهم غياب الشرف والنزاهة والوطنية.
أما عن تقديم الاستقالة فلم تكن خياراً وارداً لدى من تسببوا بالوضع المزري، ففي الحالتين كانوا سيفقدون الثروة والسلطة المطلقة، ولذلك حدثت الإقالة، وكانت بداية موفقة جداً كمرحلة أولى للتغييرات الجذرية، وأقول بداية موفقة لأن المرحلة الأولى شملت الأشخاص وليس الأنظمة والقوانين واللوائح والهياكل التنظيمية حسب ما حاول "المزريون" ترسيخه في أذهان الناس من خلال الحديث عن لجان النزول الميداني والتقييم وكل الإجراءات التي لا تشكل أكثر من مغالطات واضحة ومماطلة وتسويف ومحاولات لإعاقة برنامج التغيير الفعلي المعتمد والمقر من السيد القائد.
هناك نقطة مهمة جداً لا بد من الإشارة إليها وتأكيدها مراراً وتكراراً، وهي أن التغييرات الجذرية ستتم تحت إشراف ومتابعة السيد القائد شخصياً، وبشكل مباشر، وهذا مستشف من عدة جمل وعبارات تحدث بها القائد، فمثلاً عندما قال إن الوضع بحاجة إلى تغيير جذري، لم يقل: افعلوا وصححوا واخلسوا وما إلى ذلك من التوجيهات؛ لأنه قد استنفد مرحلة التوجيه والإرشاد، وعندما لم تحقق فائدة اضطر لبدء مرحلة التدخل المباشر والتنفيذ، فقال: سنعمل، وفي خطاب آخر قال: سنتابع التنفيذ، بمعنى أنه لن يترك الأمر لمن فقد الشعب ثقته بهم، وإنما سيتولاه بنفسه.
ومن هذا المنطلق نقول إن التغييرات الجذرية بوجه السيد القائد، ومن يسعى جاهداً لفرض شخصيات معينة وإعادة تعيينهم كوزراء بينما هم متورطون بقضايا فساد، منها ما رصدته الأجهزة الرقابية (كمليار الجمارك الذي استلمه وزير وإلى جانبه بضعة موظفين وكان له نصيب الأسد فيه)، ومنها ما لم ترصده، فهذا في حقيقة الأمر، وهؤلاء أنما يسعون لضرب شعبية السيد القائد، بعد أن فقدت الحكومة ومؤسساتها هذه الشعبية، ويسعى لإطفاء السراج والنور الوحيد المتبقي للشعب.
فما الذي يمكن أن يقوله الشعب، الذي شعر بقرب الفرج بمجرد أن سمع تصريحات القائد، عندما يرون الوزير الفلاني بدلا من أن يحال للمحاكمة والمحاسبة ويتم استعادة الأموال التي نهبها يعاد تعيينه وزيراً في وزارة سيادية ونائباً لرئيس الوزراء؟!
هل سيتغاضون ويقولون: ليست مشكلة ما دام المسؤول الفلاني أو العلاني في رأس هرم الدولة متمسكاً به ويظهره معه وإلى جانبه في كل الفعاليات، ويجب أن نحترم رأيه وقناعته ورغبته؟! أم سيقولون إن السيد القائد لم يفِ بوعده، وها هي بدلاً من أن تكون حكومة كفاءات باتت حكومة تدوير نفايات؟!
تريثوا، ومهما كانت المصالح والعلاقات الشخصية يجب ألا تعبثوا بأي خطوة وأي مرحلة من مراحل التغييرات الجذرية؛ لأن ذلك سيسيء للسيد القائد ويضرب المصداقية والثقة، وما اطمأن الشعب وهدأ قليلا بعد أن كان قد وصل إلى مرحلة الغليان إلا عندما تحدث القائد عن هذه التغييرات وبشرهم بقربها وطمأنهم بأنه سيتابعها ويشرف عليها.
اتركوا لنا هذا الأمل، ولا تتصرفوا بشكل فج ووقح، فأي شائبة ستجعل الشعب يثور غضباً ويجرف كل المزريين الذي يشكلون أحجار عثرة أمام التصحيح... اعقلوا!!
أما بالنسبة للوزير الذي حصل على سبعة قرارات جمهورية خلال عامين وعبث بأموال الدولة بشكل لم يسبق له مثيل، فالأَولى أن تحاكموه وتسجنوه وتستردوا المليارات التي نهبها هو ومدير مكتبه، بدلا من الضغط لإعادة تعيينه في منصبه السابق نفسه، وعقبى مرحلة تجميد حكومة الظل والنافذين الذين كانوا أساس الخراب والدمار، ومرحلة تغيير المحافظين ووكلاء المحافظات ورؤساء الهيئات والمؤسسات والشركات والصناديق ممن فسدوا أو فشلوا في مهامهم.
المهم في المرحلة الأولى هو أن يتم تنفيذها بشكل دقيق وصحيح بعيدا عن كل أنواع التحايل والتدليس والمغالطات التي سئمها الشعب منذ عقود.
ويجب منح حكومة الكفاءات صلاحيات مطلقة في إطار مهامهم، وكبح جماح النافذين، وتفعيل الرقابة والتقييم المستمر، وهذا يستدعي تغييراً فورياً لقيادة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، نظراً لإخفاق الجهاز في مهامه، وذلك من خلال عدم تنفيذه للخطوة الأخيرة بحسب قانونه، والمتمثلة في إحالة أهم وأكبر التقارير التي تحتوي على فساد مالي جسيم ومخالفات عالية المخاطر إلى نيابة الأموال العامة، واستمر بالمغالطات في إحالة تقارير تافهة أو قضايا قديمة، ولا نعلم لماذا فعلت قيادة الجهاز هذا، حتى أنني كفرد أوصلت للسيد القائد تقارير لم تصله عبر الجهاز ووجه القائد فورا بالتغيير، بعد التحري والتأكد من صحة ما أوصلته إليه، وهذا يعني أن الجهاز كان يعمل على حماية كبار الفاسدين وليس فضحهم والسير في إجراءات إحالتهم إلى القضاء وابراء ذمته حسب مهامه المنصوص عليها قانونا.
وهذا يفسر أيضا استمرار بقاء الفاسدين في أماكنهم طوال هذه الفترة رغم كل التقارير في ظل حجبها عن السيد القائد ورئيس المجلس السياسي الأعلى، وهذا أيضا جعل كثيراً من الناس يعتقدون أن السكوت عن الفساد سببه إما أن القائد لم يعد قادراً على تغييرهم وإيقافهم عند حدهم، وإما أنه راضٍ عنهم، وهو ما لا  نعتقده في قائد الثورة. ولا تخلو الهيئة العليا لمكافحة الفساد من كثير من الإخفاقات، وعلى رأسها بطء شديد جدا في التحرك والإجراءات مقابل تحريك سريع لقضايا قديمة وكأنها عملية غسيل دماغ وتهدئة للشعب الذي ضاق ذرعاً بسبب الفساد المستشري. وأقول ما قلت عن الجهاز والهيئة عن تجربة ومعرفة واطلاع، وليس مجرد كلام لمقاضاة أغراض أو تصفية حسابات أو محاولة تشويه.
وأخيراً نقول: أعان الله السيد القائد وأيّده بنصره، بإذنه وحوله وقوته، والله الموفق والمستعان.

أترك تعليقاً

التعليقات