العرضي ونيوزيلندا
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا-

لم يكن مريضاً ولا مختلاً قاتلُ نيوزيلندا، بل كان جاهزاً لتنفيذ الجريمة ومستعداً لتصوير الفيديو.
كان بغيضاً ومدفوعاً بنزعة عنصرية تجاه الإسلام.
كثيرون فرحوا لأن القاتل مسيحي -كي يبعدوا عنهم تهمة الإرهاب- أكثر مما حزنوا على القتلى لأنهم مسلمون. أما العميقون فقد تأثروا من خبر جريمة نيوزيلندا، وحين يرون جثث أطفال يمنيين ونساء بقصف سعودي حاقد يرددون دائماً: ضربة خاطئة، أو يقولون: قيادات حوثية، كما حدث في جريمة حافلة ضحيان.
قصف مسجد النور في نيوزيلندا أهون بكثير من قصف القاعة الكبرى، ومن قصف قاعة سنبان، وقصف مستبأ وقنبلة عطان، وقصف الحديدة، وتعز، وذمار، وصنعاء، ومتاحفها وبيوتها ومؤسساتها وجسورها ومصانعها!
كل هذا التباكي لأنهم قصفوهم في مسجد، ولو أنهم قصفوا في مكان آخر لما كسبوا كل هذا التعاطف الذي ينحاز للمساجد والحجارة أكثر من انحيازه للإنسان الذي هو أقدس الموجودات.
ما حدث في نيوزيلندا هو جريمة بكل المقاييس، سواء كانت الجريمة في مسجد أو في كنيسة. لكن الملاحظ في مواقع التواصل الاجتماعي أن أكثر المتعاطفين مع القتلى نابع من أن الجريمة حدثت في مسجد، مع أن الإنسان هو الإنسان، والإرهاب هو الإرهاب.
ذات يوم، في نفس توقيت جريمة نيوزيلندا، وقت صلاة الجمعة، تم تفجير أربعة مساجد في صنعاء، في وقت واحد، ولم يحدث كل هذا التباكي الذي يحدث على مسجد نيوزيلندا، وكأننا لا نستحق حتى التعاطف!!
لا أحد تعاطف مع جريمة العرضي، وهي أبشع من جريمة مسجد نيوزيلندا، وأبشع حتى من أفلام الرعب! يسكتون حين يشاهدون صواريخ الحرمين الشريفين تقصف أطفالنا ونساءنا ومدننا وقرانا وحاضرنا ومستقبلنا.. والأمرُّ من ذلك حين يظهر بعض هؤلاء المتباكين بعد كل قصف على اليمن ليسبّحوا بحمد بن سلمان ويشكرونه على جرائمه، لأنهم عميقون ويريدون أن يكونوا مغايرين وحداثيين ولو على حساب بلدهم وأرضهم وعرضهم.
نحن اليمنيون نتعاطف مع العالم.. لكن لا أحد يتعاطف معنا.

أترك تعليقاً

التعليقات