حكايتي مع الكتب
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

ذات يوم.. في ظل أزمة الغاز، كنا جياعاً، ولم يكن لدينا غاز ولا حطب، وكان لا بد أن يمتلئ التنور بالخبز لنتناول وجبة الغداء.. فالخبز أهم من الكتب والقراءة حين يتعلق الأمر بالجوع.
لم يكن أمامي سوى كتب الشعراوي والزنداني، وكتاب لامرأة اسمها عائشة تيمور، وكتاب لخالد محمد خالد، وكتابا «معالم على الطريق»، و»لماذا أعدموني» لسيد قطب، وكتاب «لا تحزن» الذي سرقه عائض القرني من الكاتبة ليلى العضيدان، ودفع 300 ألف ريال سعودي كتعويض لها بحكم من المحكمة، وأيضاً كتيب «حصن المسلم».. وضعتها كلها في التنور وحصلنا على الخبز الدافئ.. فليس هناك حصن للإنسان أكثر من الخبز.
أول كتاب اشتريته في حياتي «آيات الرحمن في جهاد الأفغان»، وكنت منبهراً بالمجاهدين الأفغان الذين يأخذون حفنة تراب ويلقونها على دبابة روسية لتحترق بذلك التراب المبارك.. وكنت أستغرب من حديث المؤلف عن رائحة المسك التي تفوح من جثث الأفغان، حتى إن بعضهم كان يأخذ من تراب تلك الجثث ليعطر بيته بالمسك، لأن تلك الرائحة تفوق العطور الفرنسية.. وكنت أتساءل: أي جدوى لعطر ينبعث من جثة متفسخة؟.
كان ذلك أثناء مراهقتي وحماستي للحور العين، لكن هذه الحماسة انطفأت بعد قراءة هذا الكتاب.
في اليوم التالي حصلت على مبلغ صغير واشتريت كتاب «اليمن الجمهوري»، و»قضايا يمنية»، و»مائة عام من العزلة»، فأيقنت بأنني على الطريق القويم، وبفضل ذلك عرفتُ أكثر، وقررتُ أن يكون لي كتاب خاص يحمل اسمي وأفكاري، واستطعت إلى الآن طباعة 3 كتب.
لي مع الكتب حكايات كثيرة، بدأت منذ عام 1992، ولم تنته حتى اللحظة.
كتب أتمنى لو أني ألتقي بمؤلفيها.. وكتب ندمت أني التقيت بمؤلفيها..
كتب اشتريتها.. وكتب استعرتها ولن أعيدها.. وكتب حملتها معي من دول عديدة.. كتب قرأتها أكثر من مرة.. وكتب لم أتجاوز 5 صفحات فيها، وأخرى غيرت نظرتي تجاه الحياة والناس.
نحن الآن في عصر الـpdf، هذه الكتب الإلكترونية التي لن يستطيع أحد إحراقها والانتفاع بورقها لإيقاد التنور حين يداهمه الجوع.

أترك تعليقاً

التعليقات