للحرية ثمن
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
«ليس بلدٌ أحقُّ بكَ من بلد.. خيرُ البلادِ ما حمـَلَك.. الفقر في الوطن غربة، والمال في الغربة وطن».
هكذا قال الإمام علي بن أبي طالب، وهكذا هو كلامه يتماشى مع كل العصور، لأنه كان سابقاً لعصره.
كلما خطرت هذه العبارة على بالي أتذكر هادي وشلة اللصوص التي كانت تحكم اليمن وتتحكم بخيراته وموارده. كيف تنكروا له وجعلوه هدفاً لصواريخ العدوان وقنابله المحرمة.. وكيف انتهى بهم المطاف أسرى في فندق، ينتظرون وجباتهم اليومية بعد أن كانوا مخدومين، ويسألون عن أمين الصندوق ليقبضوا مرتباً تافهاً مقابل بيعهم حريتهم ووطنهم، بعد أن كان البنك المركزي تحت أيديهم، وكانت أقلامهم توقِّع على الحوالات والهبات الخرافية.
تحولوا من آمرين إلى مأمورين، ومن قادة إلى سجناء، ومن حصن حصين إلى سهام مصوبة على قلب اليمن بأكمله. 
كيف استبدل هادي وطناً شاسعاً بجناح في فندق؟...
وليته آثر المنفى على الوطن، لكنه باعه لأولياء نعمته ومالكي رِقِّه، وأباحه لعدوان بني سعود وتحالفهم البغيض ضد اليمن وكل ما هو يمني.
نسوا دروس الوطنية لأنهم لم يتشربوها، ولم يتوحدوا مع تراب هذه الأرض إلى حد أن يشعروا بأنهم جزء منه، فكافأوا هذا الشعب بإبادته على أيدي بن سلمان وأعوانه، ووقفوا في موقف المتفرج والمشجِّع. 
ما الفرق بينهم وبين ذلك المواطن الذي حمل روحه في يده فداءً لوطنه، فقفز على حدود المملكة، وداس بقدميه الحافيتين ترابَ المعتدي وجنازيره، وانتهك خريطته وتحصيناته؟ رغم أن هذا المواطن لم يستفد من الوطن كما استفاد هؤلاء الخونة الذين ملأوا أرصدتهم بجوعنا، وبنوا قصورهم على أنقاضنا. لأن مفهوم الوطن هو أن تلبيه حين يناديك، وتغيثه حين يستغيث بك، ولا تخذله عندما يكون أحوج إليك.
سيخلد التاريخ أولئك الذين مرغوا أنف السعودية في الوحل، ودافعوا عن اليمن بشجاعة لا تستوعبها الأساطير لشدة حقيقتها. وسيبقى اليمن شامخاً بحضارته وأرضه وإنسانه أبداً ما بقي الليل والنهار، لأن جذوره مرتبطة بكل جذور الأرض، وليس بلداً طارئاً ولا لقمة سائغة كما يتوهم أمراء النفط وقادة العدوان.

أترك تعليقاً

التعليقات