في مولده الشريف
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

ذات يوم قام رسام دانماركي بنشر رسومات مسيئة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأقمنا القيامة وخرجنا للتظاهر، رافعين شعار «إلا نبينا»، مع أنه نبي الدانماركيين أيضاً، ونبي العالمين، لكنهم لا يعرفونه إلا من خلال تصرفاتنا.
في ليبيا قاموا بقتل السفير الأمريكي انتقاماً من الرسام الدانماركي، وفي مقر الصحيفة التي نشرت الرسومات دخل أخوان تونسيان مسلمان لقتل بعض العمال والصحفيين الذين لا علاقة لهم بهذا الرسام.. وفي صنعاء احتشدت مظاهرة أمام السفارة الأمريكية فكسروا الأبواب والنوافذ، وخرج أحدهم حاملاً دبة غاز، وآخر خرج حاملاً الطابعة التي قام بنهبها، إضافة إلى مقتل شاب في تلك المظاهرة. وكأننا خرجنا لنثبت للعالم أننا لصوص وإرهابيون فعلاً، وليس ممثلين ومدافعين عن رسول الرحمة، عليه وآله الصلاة والسلام. 
قبل يومين قام رجل شيشاني بذبح معلم فرنسي بداخل المدرسة لأنه عرض على طلابه رسوماً مسيئة، وكان يهتف: الله أكبر!
يتوقعون أن النبي سيتلقاهم بابتسامة عريضة ويصافحهم لأنهم دافعوا عنه بهذه الطريقة، لأنهم أصلاً يجهلون من هو النبي، ويجهلون أخلاقه والهدف من إرساله رحمة للعالمين.
كان أحد اليهود يضع الأذى في طريق رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام، وكان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يميط ذلك الأذى من تجاه النبي، ولما افتقد النبي أذى اليهودي سأل عنه فقيل له إنه مريض، فذهب إلى بيته لزيارته ووجده يحتضر فخشي عليه من دخول النار وقال له: قل أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فنظر اليهودي إلى أبيه خائفاً، فقال له أبوه: أطع أبا القاسم.
وفي الطائف رجمه سفهاء القوم حتى أدموا قدميه الشريفتين، فرفع يديه إلى السماء وقال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.. هذا هو نبينا الذي نعطر أرواحنا بمحبته ونطهر ألسنتنا بذكر اسمه.
شتان بين الرحمة المهداة للعالمين وبين تصرفاتنا وادعائنا معرفته واتّباعه.
ماذا لو كان النبي عليه وآله الصلاة والسلام موجوداً بيننا ورأى تلك الرسومات، هل كان سيجهز جيشاً لقتالهم، أم سيدعو لهم بالغفران لأنهم لا يعلمون من هو محمد بن عبدالله؟
محمد بن عبدالله هو خلاصة الكمال الإنساني، وهو اكتمال لكل نقص.. فمنذ بعثته تلاشت أنياب واختفت أظافر كانت تحفر قبور الوأد، وعرف البشر معنى إنسانيتهم، فتغير مسار العالم برحمته وأخلاقه ورفقه حتى بالشجر والحجر.. صلوات الله عليه وآله الطاهرين، أبداً ما بقينا وبقي الليل والنهار.

أترك تعليقاً

التعليقات