ثقب أسود!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
انتزع اليمن الحر اعترافا دوليا جديدا ومستحقا بقوة قدراته العسكرية، واستقلال قراره، وصلابة إرادته في إسناد غزة. هذا الاعتراف جاء هذه المرة، من بريطانيا، وتحديدا من أشهر مؤسسات صناعة القرار البريطاني (azure -strategy).
قرأت التحليل الموسع لمدير «الجغرافيا السياسية والأمن الاستراتيجي» في المؤسسة البريطانية، أليس جوير. تذكرت حديث الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن أهمية التقدير المنصف لقوة الخصم وخطيئة التقليل منه واستصغاره.
سرد التحليل البريطاني بإسهاب معطيات «تحولات وتطورات» شهدها اليمن الحر، بقيادة «أنصار الله» الذين يسميهم «الحوثيين»، كما هو حال الإعلام الإقليمي والدولي، وأقر بأن عنوان هذه التحولات: «استقلال القرار والإرادة وامتلاك القوة».
تحت عنوان «الحوثيون.. قوة لا يمكن للعالم تجاهلها»، قال إن «الضربات الأخيرة التي شنها الحوثيون على سفن الشحن في البحر الأحمر لا تؤكد قدرتهم على الصمود فحسب، بل تؤكد أيضا على تطورهم إلى قوة إقليمية مستقلة وصاعدة».
لم يفت المؤسسة، الاتكاء على «ديباجة» الغرب المكرورة في الربط بين إيران وصعود اليمن الحر قوة مؤثرة. لكنه أقر بأن إرادة وقدرات اليمن الحر لم تتأثرا بالغارات على إيران وقياداته ومنشآته العسكرية، وأنه «قوة تعمل بشكل مستقل عن إيران».
يُحسب لهذا التحليل، إقراره بأن «وصف (وكيل إيران) المُستخدم بكثرة، لا يُدرك قوة الجماعة واستقلاليتها». وبأن «التعاون الحوثي -الإيراني يبلغ ذروته حيثما تلتقي أهدافهما، وأبرزها زعزعة المصالح الغربية والإسرائيلية في المنطقة»، حسب تعبيره.
مع ذلك، يضيف التحليل «أصبحت الحركة أكثر استقلالية عن إيران، حيث أنشأت هياكل سياسية وعسكرية ومالية تُمكّنها من العمل خارج سيطرة طهران». ليخلص إلى القول: «برز الحوثيون كقوة قوية ومرنة تعمل بشكل مستقل عن إيران».
كما أنه يعترف بارتباط عمليات اليمن بالعدوان على غزة. يقول: «يتجلى تطور الحوثيين بشكل أوضح من خلال حرب إسرائيل وحماس. وقد عززت هجماتهم على الأهداف المرتبطة بإسرائيل، الدعم للجماعة بين الجماهير الإقليمية والمحلية».
مستشعرا خطر إيقاظ اليمن الأمة، بقوله: «أدى موقف الجماعة المناهض لإسرائيل إلى زيادة حادة في التجنيد وأثار مظاهرات واسعة النطاق لصالحهم بين اليمنيين، وكثير ممن لا يشاركون رؤية الحوثيين لبلدهم لا يجادلون في الأساس المنطقي للهجمات».
ويرى «أن صمود الجماعة في وجه الحملة الأمريكية، دليل على أن الحوثيين لايزالون بمثابة ثقب أسود للحكومات الغربية والإسرائيلية»، لأسباب يعزوها إلى «شح المعلومات الاستخباراتية، التضاريس الصعبة، بنية الأسلحة غير التقليدية».
منبها من أن «الضربات الأمريكية والإسرائيلية على اليمن تُخاطر بتغذية الخطاب الحوثي المناهض للغرب وتعزيز الدعم المحلي للجماعة ضد التدخل الأجنبي». ويلفت إلى تأثير امتلاك اليمن الحر «وسيلتين للرد: التجارة العالمية، أسعار النفط».
لهذا يذهب تحليل مؤسسة «azure-strategy» إلى أنه «نتيجة لذلك، يصعب تحقيق الردع، وبينما قد يؤدي الضغط العسكري الغربي والإسرائيلي إلى زيادة التكاليف أو إبطاء عمليات الحوثيين مؤقتًا، فمن غير المرجح أن يُضعفهم بشكل جذري».
ويخلص بالمحصلة، إلى القول: «أدى تزايد الدعم للجماعة، نتيجة موقفها من صراع غزة، وغياب معارضة محلية قوية، وشراكاتها الناشئة مع روسيا والصين، إلى تحولها من جماعة متمردة هامشية إلى قوة مؤثرة في الشؤون الإقليمية والعالمية».
يستدل التحليل البريطاني في هذا، بفشل تحالفات العدوان على اليمن: «عاصفة الحزم» و»حارس الرخاء» ثم «الراكب الخشن»، في «تدمير القدرات العسكرية للحوثيين وإنهاء تهديداتهم». ويذكر «إشادة ترامب بشجاعة الحوثيين وحذقهم بتطوير الأسلحة».
قطعا، اعتراف بريطانيا بقوة اليمن الحر العسكرية، واستقلال قراره، وصلابة إرادته، يُذكر كل يمني بفضل الله على اليمن وتوفيقه قيادة وشعبا وحكومة، إلى الموقف الصائب، وعونه تعالى على الصمود والثبات في هذا الموقف، موقف الحق.
لكن هذا الاعتراف من جانب رأسي تحالف الشر العالمي «الأنجلو-صهيوني»، بقوة اليمن الحر، لا ينبغي أن يسهم في الإغفال عن ارتكاز سياسة بريطانيا وأمريكا على «تهويل خطر الخصم تسويغا لضربه»، كما يحدث مع إيران، وحدث مع العراق.
كذلك، لم يخل التحليل أيضا، من «دس السم في العسل». من ذلك حديثه عمَّا سماه «غياب معارضة قوية ذات مصداقة في الداخل». في إشارة إلى توقف الحرب الداخلية في اليمن، وطرح استئنافها أحد حلول ثني اليمن الحر عن إسناد غزة!
يبقى الثابت أن إقرار العدو بقوة اليمن، يستدعي الثبات على مختلف المستويات والقطاعات، ورفع اليقظة أكثر. عدا هذا، فإن الله تعالى وعد بأن ينصر من نصر دينه ويعلي كلمته وينصر الحق والمستضعفين، وحتما: مَن ينصره الله فلا غالب له.

أترك تعليقاً

التعليقات