معركة بقاء
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

بات اليمنيون أمام معركة أخرى في حرب البقاء، بتسرب فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) إلى محافظات عدة في البلاد، بدءا من حضرموت، ومرورا بعدن، فتعز، ولحج، والعاصمة صنعاء. وهذا لا يعني النهاية بل بداية المعركة.
الاحترازات المتأخرة والتسهيلات المتعمدة من تحالف الحرب بقيادة السعودية والإمارات وصراع فصائله المحلية والغياب التام لما يسمى «حكومة هادي»، كان سببا رئيسا لتسرب الفيروس إلى اليمن عبر المحافظات الخاضعة لسيطرة التحالف.
ورغم نجاح الإجراءات الاحترازية الاستباقية المبكرة المتخذة من حكومة الإنقاذ، في منع تسرب الفيروس إلى محافظات سلطة المجلس السياسي الأعلى، طوال نحو شهرين؛ إلا أن الاستثناء المتأخر في تنفيذ حزمة الاحترازات، أحدث ثغرة.
كانت الإجراءات الاحترازية المقررة تقضي بحجر صحي 14 يوما للوافدين من خارج البلاد ومن المحافظات الخاضعة لسيطرة التحالف، ثم صدر استثناء للأخيرين يكتفي بفحص قياس الحرارة، بدعوى «تخفيف الضغط على مراكز الحجر».
لست بصدد تحديد المسؤول عن تسرب أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا إلى العاصمة صنعاء، بل أحاول استحضار الشاهد، لأخذ الدرس الأهم في جولات المعركة التي بدأت فعليا بتسرب هذه الحالة، وأعني تبعات «الاستثناء» الوخيمة.
وبخلاف قراءة البعض إعلان وزارة الصحة رسميا عن «تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في العاصمة صنعاء، لمهاجر صومالي، توفي في غرفته بفندق، وكان يعاني من فشل كلوي والتهاب حاد في الكبد»، لا أجده يتكتم أو يعتم.
على العكس، إعلان وزير الصحة د. طه المتوكل لم يهون من خطر تسرب الوباء، رغم تأكيده أن «فرق التقصي الوبائي تحفظت على الجثمان ونفذت إجراءات التعقيم والتطهير للفندق الذي كان يتواجد فيه والحجر على المخالطين ومتابعتهم».
فعليا، الوزير المتوكل «دق جرس الإنذار للمجتمع اليمني» كما قال، مضيفا في مؤتمره الصحافي الثلاثاء الفائت أن «جرس الإنذار الذي حدث من اكتشاف حالة مخبريا لصومالي الجنسية، وربما أنه قد اختلط بعدد من الأشخاص يتطلب الحيطة والحذر». 
هذا يعني إعلان بدء المعركة الحقيقية في الحرب الجاري الاستعداد لها طوال شهرين مع وباء كورونا المستجد. وهو قطعا لا يعني إعلان الانهزام أو الاستسلام، فمنع تسرب الفيروس عجزت عنه دول كبرى طوال أسبوعين على انتشاره في الصين.
تجلى بدء المعركة، بإعلان إغلاق 10 أحياء في مديريات العاصمة صنعاء، فجر الأربعاء، ولمدة 24 ساعة، وهو يعكس جدية أكان إجراء احترازيا على ضوء خريطة حالات اشتباه مبلغ بها أو توقعات على ضوء حركة المهاجرين الأفارقة داخل العاصمة.
وحتى لو كان «اختيار الأحياء العشرة عشوائيا» كما أكد رئيس غرفة عمليات طوارئ أمانة العاصمة، وكان هدف إغلاقها «اختبار فاعلية خطة التعامل مع أية حالة إصابة مؤكدة بالوباء قد تُسجل وإغلاق منطقة رصدها ومحاصرة انتشارها»، يظل باعث اطمئنان.
يظل الثابت، حتى الآن، أن هناك خطة واستعدادات تتجاوز مرحلة منع تسرب الوباء إلى محافظات سلطة المجلس السياسي، إلى مرحلة محاصرة انتشار الوباء في حال تسرب في هذه المحافظات، والمطلوب حزم التنفيذ دون استثناء أو تساهل، بما يكلل العزم بالنجاح.

أترك تعليقاً

التعليقات