رهان لاء
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم  الحكيم / لا ميديا -

تثبت الأيام أن اللصوص إخوة في الجرم واستباحة ما ليس لهم، ولعل أجلى شاهد، هو مصير حقول النفط في بلدان المنطقة التي تقاوم الهيمنة الغربية وتواجه تحالف الشر وأدواته، وأعني سوريا واليمن وقبلهما العراق. قد تختلف شعارات التدخل العسكري الخارجي فيها، لكن قوات هذا التدخل تتفق في التمركز حيث حقول النفط، وفي نهبها.
حدث هذا في غير مكان، وأقرب مثال في هذا الزمان، ما يسمى «التحالف الدولي» في سوريا، تموضعت قوات الاحتلال الأمريكي ومسلحو من جماعات التطرف والإرهاب، حيث منابع النفط والغاز، ومازالت أمام انتصارات الجيش تفر وتعزز تعدادها وعتادها، هناك في قواعدها العسكرية الغازية، في ريف الحسكة، شمالي شرق سوريا.
كذلك ما يسمى «التحالف العربي» في اليمن، تمركزت قوات الاحتلال السعودي ـ الإماراتي منذ البداية وحتى اليوم، حيث منابع النفط والغاز وموانئ تصديرهما في محافظات اليمن، رغم ما تملكه السعودية والإمارات من بحيرات نفطية وغازية، تؤكد الأيام أنها ليست مالكة لها، بل موظفة لتحصيل عائداتها لصالح أربابها، من قوى الهيمنة الغربية.
ويبرز الطابع المشترك للصوص العصر، أنهم وكما يقال في المثل «سرق ومبهررون». لصوص لكنهم لا يشعرون بأدنى خجل أو وجل من إجرامهم وعلى العكس يتحدثون بثقة من طغى واستكبر، وغرور من مسه جنون العظمة وتجبر، يسعون في الأرض فسادا، بزعم أنهم مصلحون، ويفرضون باطلهم بقوة النار والحديد، إنما هيهات.
يبرز هذا التجبر الوقح أكثر، في إصرار التحالف السعودي الإماراتي على فرض العقاب الجماعي على 20 مليون يمني، يحاصرونهم برا وبحرا وجوا، ويمنعون عنهم المقومات الأساسية للعيش، ممثلة بالغذاء والدواء والوقود، عبر احتجاز سفن السلع والمشتقات النفطية عرض البحر، ومنع دخولها إلى ميناء الحديدة، لأشهر متواصلة.
يساعد على هذا التجبر والطغيان، تواطؤ هيئة الأمم المتحدة على الانبطاح لقوى الهيمنة الغربية وعلى الخذلان لشعوب العالم وقيم الحرية والكرامة والعدالة وأسباب التعايش بسلام ووئام، الخ شعاراتها البراقة الخادعة، والمثبت وفق التجارب ومعطيات الواقع ومجريات الأحداث، أن مهامها كانت ولاتزال على النقيض تماما، سوط ترويض.
ترويض الشعوب على التبعية والخنوع، وعلى الطاعة والخضوع، للدول الخمس دائمة العضوية في ما يسمى هو الآخر زيفا «مجلس الأمن الدولي» فيما هو فعليا «مجلس الغبن الدولي».. مجلس عصابة لا عصبة، لصناعة السلاح وتسويقه وبيعه في العالم، عبر افتعال الأزمات وتغذية الاضطرابات وتفجير الحروب، لجني المكاسب والأرباح.
لا تخفي الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن رفضها أي تفريج لكرب اليمنيين، حتى ولو بصرف نصف راتب، وتسعى فعليا لدوام الحرب في اليمن، لضمان استمرار تدخلاتها وممارستها السحت باسم اليمن وأزمته الإنسانية الكارثية «الأسوأ في العالم» كما تقول، لجمع أكبر قدر من «أموال المانحين لليمن» كما تزعم حملاتها.
لو لم يكن هذا الزمان، زمن «اللصوص المبهررون»، لما تجرأت «حكومة هادي» على المجاهرة بالابتزاز والانتهاز، وطلب إعادة ما صرف من نصف راتب لموظفي الدولة، شرطا رئيسا للإفراج عن 20 سفينة مشتقات نفطية، تحتجزها ومن ورائها تحالف الإثم والعدوان، منذ شهرين ونصف، عرض البحر أمام ميناء جيزان، وتمنع دخولها الحديدة.
سفور الباطل تجاوز كل حد، لكنه بذلك قطعا، يؤذن بدنو زواله، فكلما تجبر الإنسان، واغتر وتكبر، ونسي أن الله أكبر، وأنه مع الحق وناصر أهله، كان بذلك أقرب إلى الزوال بما صنعت يداه واقترفت من ظلم وضيم، وعاثت في الأرض فسادا. لكن الرهان يظل على «لاء» التي تتعالى أكثر فأكثر، لا في اليمن والمنطقة، بل بين أوساط شعوب العالم بأسره.

أترك تعليقاً

التعليقات