جرد أهداف!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

سيحتفي تحالف الحرب السعودي الإماراتي عبر جوقة مَن يقبضون ريالاته ودراهمه، بالذكرى الخامسة لتشكله، وسيطنبون في نسب «إنجازات» عدة و«أفضال» جمة لا شاهد عليها بالمرة، وبالطبع سيجددون مناشدته الاستمرار وألا «يتخلى عن اليمن» المختزلة في شخوصهم و»لا يتركهم في منتصف الطريق» حتى وهذا التحالف يفخخ هذه الطريق وينسفها ويمطرهم بقصف طيرانه ويحصد منهم الآلاف بعنوان يتجاوز «خطأ غير مقصود» إلى تأكيد التعمد وتبريره بتسميتهم «إرهابيين» أو «متمردين»!
تلك حال ما يقارب 100 ألف يمني أو حتى 500 ألف على أكثر تقدير، ما بين سياسيين وعسكريين ومجندين وإعلاميين ومتحدثين، يختزل فيهم تحالف الحرب الشعب اليمني، ويستخدمهم «محللين» على نحو مهين ومشين لتسويغ حربه وجرائمها وما يحيق باليمن من دمار وخراب، مادحين وقادحين لأقطابه المتنافسة، مقابل رواتب تتراوح بين مليون و1000 ريال أو درهم، مع إباحة نهب ما أمكنهم من إيرادات أو ممتلكات عامة باقية!
يحدث هذا حتى بعد أن سقطت ذرائع ومبررات تحالف الحرب السعودي الإماراتي تبعا، وبرزت أهدافه والدوافع المحركة له جليا، حتى غدا أمام اليمنيين على اختلاف مواقفهم، متلبسا بها. لم يعد تحالف الحرب بقطبيه السعودي والإماراتي، يهتم لتغليف أهدافه بأي دثار، صار بتأثير هلعه يجاهر بها وبأطماعه، ويسعي على المكشوف لجني أكبر قدر منها، بالجرأة والصفاقة ذاتهما لإعلان ما يسمى «صفقة القرن»!..
لكن، لنحاول مجاراتهم ونُجر على السريع جرد أهداف وحساب إنجازات. سيظهر جلياً ومن دون أي لبس، سقوط ذرائع التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي البريطاني للتدخل العسكري في اليمن وشن هذه الحرب المدمرة الحاقدة والمجرمة. بدءاً من هدف «مساندة الشعب اليمني الشقيق في أزمته»، يظهر للعيان أن التحالف زاد أزمة اليمن أضعافا وبما لا يقاس، وعممها على مختلف مناحي الحياة، لتتجاوز الطاولة السياسية إلى أزمة بقاء، بقاء اليمن وبقاء شعبه.
كذلك هدف «حماية سلامة اليمنيين من اعتداءات الانقلابيين»، واضح جداً أية حماية وفرها التحالف لليمنيين، وشواهدها جلية في تعداد القتلى والجرحى والمشردين قسرا من قراهم ومدنهم بغارات طيران التحالف ومواجهات وقصف مليشياته، وتعداد ملايين المفقرين والجائعين والمرضى، وسجن جميع اليمنيين في معتقل كبير بحظره السفر والملاحة، وإغلاق الحدود أمامهم! 
أما هدف «دعم أمن اليمن واستقراره»، فغدا ترهة باعثة على الضحك والبكاء في آن معا. كما هي الحال مع هدف «صون سيادة اليمن ووحدته». الحاصل أن تحالف الحرب بقيادة السعودية والإمارات قد بدد أمن اليمن ونسف استقراره وأية فرص لتحققه على المدى المنظور، ولست وحدي من يقول هذا. هناك أيضاً فريق خبراء الأمم المتحدة وتقريره عن اليمن للعامين 2018 و2019، أدان التحالف بتبديد أمن اليمن وزعزعة الاستقرار فيه.
نأتي إلى الهدف الأهم المعلن من تحالف الحرب «دحر المليشيات الانقلابية وإعادة الدولة ومؤسساتها». أنشأ تحالف الحرب في هذا المحور ومول وسلح عشرات المليشيات الانقلابية فعليا، وإن زعمت أنها تساند ما يسمى «الشرعية»، فالواقع أن أية شرعية في العالم لا تساندها أو تستند إلى مليشيات مسلحة منفلتة، تمارس كل صنوف الجريمة وأبشعها، بدءا من إهانة المواطنين واعتقالهم، مرورا بنهب الممتلكات، وانتهاء بالسحل والقتل!
بالمثل فعل تحالف الحرب تحت يافطة هدف «إنهاء الانقلاب وإعادة السلطة الشرعية ومؤسسات الدولة». أنجز التحالف خلق مراكز قوى «لا شرعية» لها دستورا أو قانونا أو انتخابا أو تأييدا شعبيا، ومع ذلك يعاملها بوصفها «سلطة شرعية» على ما بقبضة سلاحها من مناطق ومدن، ويدعم بالمال والسلاح نفوذها ومنازعتها نظيراتها من قوى وفصائل أجنحة التحالف. أما الدولة فقد نسف التحالف مقوماتها ومظاهرها مثلما دمر مؤسساتها وبناها!
كذلك هدف «تدمير ما يهدد أمن المملكة والمنطقة من قوات جوية وصواريخ باليستية». زعم تحالف الحرب بعد شهره الأول «تدمير 95٪ منها. ومع أنه دمر قواعد اليمن الجوية وطائراتها ومعسكراتها وراداراتها ومنظوماتها الدفاعية، واستهدف مجمع وألوية الصواريخ، إلا أن الصواريخ الباليستية ومنظومات الدفاع الجوي، لم تدمر، بل تطورت نوعاً وكيفاً، وزادت كما ومدى، وزارت دول التحالف مراراً وتكراراً، وأحدثت أضراراً وآثاراً، دون أن يسقط مدني واحد فيها.
بقي هدف «إنهاء النفوذ الإيراني في اليمن»، لم يستطع تحالف الحرب إثبات أي مظهر أو أثر لنفوذ إيراني، عسكري أو سياسي أو اقتصادي، في مقابل إثباته فرض النفوذ السعودي والإماراتي داخل اليمن، حدا يتجاوز الهيمنة ويتخطى الوصاية إلى السيطرة، وممارسات الاحتلال، من إعدام الاستقلال، ومصادرة القرار، وسلب الإرادة، وتعميم الاعتقال والاغتيال، واغتصاب الأرض، ونهب واهتبال الثروات، وتحويل اليمنيين من شعب الغلال إلى تسول السِّلال!

أترك تعليقاً

التعليقات