المطر الإيراني!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
مِن حسن الطالع أن إيران لم تعلن من طهران أو من واشنطن عن تحالف عسكري لتدخل حربي في اليمن باسم “إنقاذ اليمن وشعبه” من “المد السعودي الوهابي التكفيري” و”إنهاء انقلاب مليشيا السعودية والإمارات على الدولة اليمنية”، و”استعادة أمن اليمن واستقراره وصون وحدته وسيادته” و”حماية سلامة اليمنيين وعروبتهم وهويتهم ودينهم”، كما فعلت السعودية والإمارات!
تخيلوا لو كان هذا حدث، وعمد تحالف بقيادة إيران إلى تنفيذ بين 100 و250 ألف غارة جوية حربية، دمرت مقدرات اليمن وبنيته التحتية من جسور وطرقات ومطارات وموانئ، وقصفت المدن والأحياء السكنية والأسواق الشعبية والمرافق والأعيان المدنية بما فيها الأضرحة والمقابر، وتجمعات الزفاف والعزاء وحافلات نقل الطلاب والمسافرين والسلع والغاز والمشتقات النفطية!!
تخيلوا فقط لو كانت طائرات التحالف بقيادة إيران قصفت عشرات الآلاف من المرافق الخدمية العامة والخاصة والمنازل والعمارات السكنية ومصانع الأغذية والأدوية والمياه والمعامل والورشات، والمدارس والجامعات ومئات المساجد وشبكات الكهرباء وأبراج الاتصالات وسدود ومنشآت المياه، والأندية والملاعب ومحطات الوقود، وحتى المواقع والمعالم الأثرية! كيف كان الموقف؟!
تصوروا معي لو أن هذا التحالف العدواني الإجرامي على اليمن كان بقيادة إيران، وعمد الى “إسقاط الشرعية” التي تذرع بدعمها وقصف قواتها، وإلى تمويل وتسليح مليشيات انقلابية عدة على سلطة “الشرعية” وجرائم السلب والنهب والسحل والقتل والاعتقال والاغتيال في مناطق سيطرة قواته ومليشياته، وتعطيل خدمات الماء والكهرباء والصرف الصحي واتخاذها سياطا لإذلال المواطنين!
هل تستطيعون تخيل لو أن هذا التحالف الإجرامي كان بقيادة إيران ويحظى بدعم أمريكي وبريطاني وفرنسي وألماني... الخ الدول المصنعة للأسلحة والمهيمنة على هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها ومجلس الأمن الدولي وعلى المجتمع الدولي وحكومات معظم دوله؛ بعد كل هذا الإجرام في اليمن وإنشائه قواعد عسكرية في جزره ومدنه؛ ذهب لمصالحة السعودية وإيران، كيف كانت ردود الفعل؟!
أتتصورون هول الأمر! أن يكون هذا التحالف الحربي ويقترف كل الاعتداءات والجرائم والفظاعات: يدمر اليمن ويقتل ويجرح مئات الآلاف من المدنيين ويشرد أربعة ملايين منهم، ويُفْقِر ويجيع/ ويتعمد إفقار وتجويع ٢٠ مليونا منهم “باتوا يعتمدون المساعدات الإغاثية للبقاء أحياء”، ويفعل كل هذا باسم “ردع العدو السعودي الإماراتي الوهابي التكفيري” ثم يصبح “الشقيق والصديق السعودي الإماراتي”!
فعليا، كان اتجاه السعودية لمصالحة إيران وتوقيع اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية والتعاون الكامل بينهما في مختلف المجالات، سعيا وراء وساطة إيرانية لدى صنعاء، تلي طلب الرياض الوساطة العمانية، والوساطة الروسية. لست وحدي من يقول هذا، بل كثير من المراقبين المحايدين للشأن اليمني، يتفقون في أن السعودية باتت تريد إنهاء تورطها في اليمن بمخرج يحفظ ماء وجهها ومصالحها.
ولم تأت إيران بجديد، وهي تعلن على لسان وزير خارجيتها أنها “تدعم السلام في اليمن، لكن صنعاء تملك قرارها”. لا يجانب هذا الحقيقة، بخلاف حال الموالين لتحالف العدوان على اليمن الذي تقوده السعودية والإمارات ومن ورائها الحلف الإنجلو-صهيوني (أمريكا، بريطانيا، إسرائيل). لا يجرؤون على الحديث عن امتلاكهم القرار، بل تجدهم يؤكدون أن القرار بيد التحالف السعودي الإماراتي!

أترك تعليقاً

التعليقات