شَرَق شَرَق
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
"شرق.. شرق.. ثورة على كل السرق". يا الله مضت سبع سنوات على ثورة أنقذت ما أمكن إنقاذه من وطن يتداعى، ودولة تنهار، وتدمير ممنهج يطال مؤسساتها، وغياب مفتعل لوظائفها، واغتيالات وتفجيرات ومجازر باتت يومية حد سقوط طائرات حربية على رؤوس المواطنين في منازلهم!
لن ننسى، ما حيينا، أن طائرات حربية تابعة للقوات الجوية اليمنية، تساقطت على رؤوس المواطنين داخل بيوتهم.. في حاراتهم.. وسط العاصمة صنعاء، ودون أن يعلن سبب مقنع، أو نتائج تحقيق، وتسليم متورطين للقضاء، والحال نفسها مع طائرات أخرى فجرت بمرابضها في مختلف القواعد الجوية للبلاد!
هذا نموذج واحد.. مظهر واحد.. لجانب واحد من جوانب الفوضى المدمرة التي عصفت بالبلاد عقب تنصيب الدنبوع "هادي" وحكومة تجمع الإصلاح، على نحو ممنهج وشامل مختلف مناحي الحياة، حدا يشيب له الولدان من أهوال الفجائع المتلاحقة وملاحقة الموت للمواطنين بشتى الصنوف!
لم يكن الأمر عفويا، ولا كما يقال "ثورة مضادة" لخديعة "11 فبراير" ذات التوقيت والمنطلقات والشعارات والوسائل والمسار والأحداث والرعاة والنتائج نفسها، لما سمته الولايات المتحدة تجميلا لقبحه "الربيع العربي" كنتاج لما أطلقت عليه منذ العام 2009م اسم "فوضى خلاقة ستغير وجه المنطقة العربية، نحو الحرية"!
كان الأمر ممنهجا ومنظما.. خطة يجري تنفيذها بحذافيرها، إصرار على جر اليمن إلى الدمار والتفكك والانهيار وصولا إلى الحرب. إطلاق ما سمي "التحالف العربي" وعاصفة جرمه، كان معدا له سلفا منذ 2011 كسيناريو بديل في حال لم تنجز أدوات "الربيع العربي" مهامها كاملة بحال السياب والانفلات والكولسة.
لم تكن مصادفة أن يكون سفراء الدول العشر الذين أطلق عليهم "رعاة المبادرة الخليجية"، هم نفسهم المشرفين على تفكيك مؤسسات الدولة وما سمي "هيكلة الجيش والأمن"، وهم أنفسهم أعضاء التحالف العسكري العدواني على اليمن، وهم أنفسهم اليوم أعضاء الوصاية الدولية على اليمن تحت الفصل السابع!
جاءت "21 أيلول/سبتمبر"، لتمنع ما يجري اليوم في المحافظات المسماة "محررة" من أهوال وانفلات أمني وانعدام خدمات وإذلال للمواطنين.. وسحل وقتل ونهب وسلب.. واختطافات واعتقالات بمعايير الهوية واللقب والمنطقة.. وخيانة وارتزاق علني وهوان شعبي جمعي، وارتهان لسلال الإغاثة ومخيمات النازحين!
كل ما يجري في هذه المحافظات الخاضعة لفصائل شتى من المليشيات المتنافرة المتناحرة، تبعا لتباين الولاء لأقطاب تحالف العدوان والطغيان والجرم، كان مخططا له أن يشيع في جميع محافظات اليمن، وبدأوا في تعميمه بالفعل حتى كانت "21 أيلول/سبتمبر" فدحرت أدواته في مناطق سلطاتها وقطعت دابره فأمنت مناطقها.
ومع ذلك كله، مازال هناك من يسمي "21 أيلول/ سبتمبر" انقلابا. رغم أن البلاد كانت قد قلبت رأسا على عقب قبلها، ورغم توقيعها اتفاقا سياسيا برعاية أممية، مع هادي وحكومته وجميع المكونات السياسية، ورغم أن ما انطلقت لمنعه واستطاعت منعه في مناطق سلطاتها، حدث ويحدث على نحو مرعب حيث لا نفوذ لها!
لكن الباطل يدنو من أجله، وهو زائل وزاهق وأهله لا محالة، وصبر المواطنين له حدود، وأراه قد نفد، وبدأ الكبت الطويل على الحال المرير، يتفجر بوجه أدوات الارتزاق والارتهان التام للخارج على حساب الامتهان الدام للداخل، وقريبا نشهد "21 أيلول/ سبتمبر" أخرى في المحافظات الخاضعة لهذه الأدوات واحتلال أربابها.. وهم يرددون: شرق شرق.. ثورة على كل الدنق(*).

(*) الدنق: جمع دانق، وكان يطلق على أرخص فئات العملة.

أترك تعليقاً

التعليقات