سهوكة!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تقف المنطقة والإقليم برمته أمام ما يسميه إخوتنا المصريون بعاميتهم “سهوكة”، تلتقي مع “كولسة” تعتمد خداع وفهلوة لاعب الخفة، في محاولة تمرير خطة مدبرة، تعيد رسم وجه المنطقة، عبر أحداث مفتعلة تنتج “الوضع المأزوم” وتؤجج بعناية مسار تصاعدها المرسوم، من عصبة تحالف العدوان نفسها، ليس في اليمن فقط بل وفي العراق وإيران ولبنان وكوريا الشمالية ودول أخرى، بتوقيت متزامن وللغاية ذاتها.
يمنيا، تحالف العدوان ومجلس قيادة وحكومة أدواته، يعلن بإعاقته تمديد “الهدنة” رفضه التخلي عن أحد أبرز أسلحته المستخدمة منذ البداية في ترويض كل اليمنيين، على مسار بلوغ هدف إخضاعهم لأجندة أطماع معلنة في موقع اليمن وثرواته، لدول تحالف العدوان بواجهتيه السعودية والإمارات، وقيادته الأمريكية والبريطانية والصهيونية (الإسرائيلية)...
معلوم أن تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات وبتوجيه معلن من واشنطن ولندن، سجل سابقة أخرى مارقة على الأعراف وخارقة لقوانين الحرب والشرائع الدولية. فعل هذا باستخدامه الإفقار والتجويع سلاح حرب بجانب الحصار وتدميره قطاع الخدمات، لكسر مقاومة سعيه لإخضاع اليمن واليمنيين وإنفاذ أجندة أطماعه غير الخافية في موقع اليمن وثرواته.
صرح بهذا سفيرا أمريكا وبريطانيا، وأعلنه على الملأ هادي في لقاء مع قناة “الجزيرة” مطلع سبتمبر ٢٠١٦م على هامش مشاركته في اجتماع الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة على الخضوع لنفوذ دول الهيمنة الخمس بقوله حرفيا: “نقل البنك المركزي من صنعاء تأخر كثيرا” واعترف أن “تأخر القرار خطأ ولو كان بدري (مبكرا) لحسمنا الحرب في أشهر”.
عزز هذا سريعا، إيقاف هادي وحكومته صرف رواتب نحو مليون و٣٠٠ ألف من موظفي الدولة في صنعاء والمحافظات الحرة، وإيقاف صرف موازنات تشغيل القطاعات الخدمية والصحية وجميع مؤسسات الدولة قبل أن يمتد كرنفال الفساد والإفساد ويطال نهمه الى ما يسمى “المناطق المحررة” ويحرم ملايين اليمنيين من الخدمات ويذلهم بتأخير الرواتب لأشهر!
بدا جليا لكل متابع متخفف من عصبية الجهل وإمعية العقل، أن الرواتب والخدمات سوطان من سياط عقاب جماعي مجرم قانونا ومحرم إنسانيا ومعمم عدوانا من تحالف الشر “الإنجلو-صهيوني” على اليمنيين بلا استثناء مناطقي (محافظة أو مدينة) أو شعبي (فئة أو جماعة) أو فكري (طائفة أو مذهب). هذا واضح وضوح غاية الترويض وصولا للرضوخ التام!
تؤكد هذا مواقف أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي. أعلنت وزارات خارجيتها رفضها مطالب لصالح جميع اليمنيين وتحررهم الوطني من هوان التبعية ومهانة الوصاية والهيمنة الخارجية. مطالب مشروعة أعلنها المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ بصنعاء قبل انتهاء “الهدنة” المعلنة مطلع أبريل؛ شرطا لتمديدها والدخول في مفاوضات إنهاء الحرب وإحلال السلام.
هذه المطالب لُخصت في استئناف وانتظام صرف رواتب جميع موظفي الدولة دون تمييز من أموال الشعب اليمني المنهوبة، من عائدات النفط والغاز، وتحييد الاقتصاد والعملة، ورفع كلي للحصار على الموانئ والمطارات، ورفع المتارس على خطوط النار لفتح جميع الطرقات والمنافذ، وإطلاق جميع الأسرى “الكل مقابل الكل” دون شرط.
لا تتضمن هذه المطالب مصالح أو مكاسب خاصة لطرف دون آخر. ولا تحوي ما يجعل أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي يطالب صنعاء بما سماه “تخفيف المطالب” ثم وصفها في بيان مجلس نفوذها، مجلس الغبن (الأمن) الدولي بأنها “مطالب متطرفة” في تبريره فشل مفاوضات تمديد الهدنة وتسويغ ادانته سلطات صنعاء بالتسبب في إفشالها!
فعليا، السؤال الطبيعي: لماذا تجيز هذه الدول العقاب الجماعي لليمنيين؟! بأي شريعة أو شِرعة وبأي حق تجيز إفقارهم وإذلالهم بفرض حصار على مطاراتهم وموانئهم واستخدام رواتب الموظفين سلاح حرب وملفات الأسرى وفتح المنافذ وتحييد العملة، وتوحيد الإدارة المالية (البنك المركزي)؟! وقبل هذا وذاك بأي حق تجيز التدخل العسكري في بلد مستقل؟!
أما الجواب فيظهر جليا من غاية التعنت، إفقار كل اليمنيين لإسخاطهم ضد غير غريمهم وإخضاعهم لعدوهم، ومن توقيت التعنت. التوقيت يتزامن مع تغذية قوى الهيمنة نفسها تصعيد التأزيم والتأجيج للأوضاع و”شارع الاحتجاجات” و”مواقف التنديد” ورفع شعار “حقوق الإنسان”، في العراق وإيران ولبنان وكل من يقول لا لهيمنة هذه القوى ووصايتها.

أترك تعليقاً

التعليقات