دماركوا
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

بين «بقيق» و«طقطق» يبرز جليا دخول تحالف الحرب السعودي الإماراتي الأمريكي البريطاني، النفق نفسه الذي أدخلوا اليمن فيه عن سبق تخطيط وإصرار وتعمد. ويفترض أنه أكد لكل من السعودية والإمارات قبل غيرهما، أن الحرب ليست فسحة ولا نزهة، ولا تحسم بهنجمة أو بعثرة كم مليار أو حتى ألف مليار دولار، وليس منها إلا الدمار.
حتى نهاية العام الرابع لهذه الحرب، لم تكن دول التحالف تخشى شيئا من استمرار الحرب، وآخر ما كانت تفكر فيه هو الخسائر، فقد ظلت تغرف بسخاء من عائدات نفطها لتمويل الحرب وشراء الأسلحة والمقاتلين والمبررين والمؤيدين، لكن الأمر اختلف كليا مع عملية الـ10 من رمضان، مدشنا مرحلة مغايرة.
التحول نحو تركيز استهداف منابع تمويل هذه الحرب، منشآت النفط والمطارات العسكرية، في عمق دول التحالف؛ كان طبيعيا أن يثير قلق ومخاوف هذه الدول، وبالطبع حالبيها الأمريكيين والبريطانيين، وغيرهم من المباركين والداعمين للحرب والمتربحين منها ودماء وأرواح اليمنيين.
الحشد لثلاث قمم في أسبوع واحد «خليجية وعربية وإسلامية» ولصفقات أسلحة إضافية مع الدول دائمة العضوية في مجلس الغبن (الأمن) الدولي كبار مصنعي السلاح وتجار الحروب وقوى النفوذ والهيمنة؛ مؤشر جلي على هذا القلق وما شاب الملق الدولي المصاحب له أيضا.
تتابع الاستهداف لمنابع تمويل الحرب بقصف حقول «الشيبة» ثم «بقيق» و«خريص» الأكبر في العالم والأهم في منظومة قطاع إنتاج وتصدير النفط السعودي؛ كان كفيلا بإنزال دول تحالف الحرب من الشجرة ورعاتها الدوليين، فقد مس جوهر هذه الدول والحبل السري لعلاقات العالم معها وتواطئها العلني في حربها.
لست بصدد حصر آثار هذا الاستهداف المشروع من منطلق حق الرد بالمثل، وإن كان الرد اليمني لم يرقَ إلى مجاراة كل أنواع الاستهداف التي مارسها ومايزال تحالف الحرب، وبخاصة في استهدافه الأحياء والتجمعات السكنية والمرافق المدنية، وتعمد قتل وجرح المدنيين الأبرياء، ومحاصرتهم وحرمانهم مقومات العيش.
ومعلوم أن استهداف المنشآت النفطية والمرافق الحيوية الاقتصادية لدول التحالف، ليس سبقا من جانب اليمن، بل لاحق لاستهداف ممنهج من جانب التحالف لمقدرات اليمن وبنيته التحتية كافة بما فيها الموانئ والمطارات ومنشآت النفط ومحطات المياه والكهرباء والاتصالات،.. الخ ما دمره التحالف وعطله وشله في اليمن.
لكن الدمار الآن، صار حالا مشتركة لتحالف الحرب على اليمن والأخيرة، والخسائر أضحت كائنة لدى الطرفين مع فارق حجمها، وتعاظمها ماديا لدى دول التحالف، مقابل تعاظم الخسائر البشرية في اليمن. لكن وجود خسائر متنامية كفيل بتقريب نهاية الحرب واستدعاء التفكير الجاد في إنهائها.
أولى بوادر هذا الاستدعاء برزت في استحضار الوساطة العمانية، والعراقية، وإعلان ولي العهد السعودي ترحيبه بمبادرة مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي، عرض وقف متبادل للهجمات، بعد أسبوع من المكابرة وتصعيد التحالف غارات طيرانه وقتل وجرح المدنيين الأبرياء ومنع دخول سفن الغذاء والمشتقات النفطية.
والحاصل أن لا جدوى من الحرب ولا طائل منها إلا الدمار والخسران.. ذلك ما أدركته أخيرا وبقوة دول التحالف، وعبرت عنه إحاطة المبعوث الأممي مارتن غريفيث، لمجلس الأمن، بتأكيده أن لا مجال لإهدار مزيد من الوقت، ويجب البحث بجدية عن مخرج عاجل وإنهاء الحرب والحصار على اليمن، والدفع فورا نحو حوار سياسي مباشر يفضي إلى اتفاق سلام شامل ودائم وعادل. وكما قيل: «باب يأتيك منه الريح سده واستريح».

أترك تعليقاً

التعليقات