يــوم الكــلام!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

حل اليوم الوطني للإعلام اليمني، ومر مرور غير الكرام، مثله مثل باقي الأيام، باستثناء فعالية عامة للكلام، تبارى فيها المسؤولون في دبج الخطاب في هذا المقام، وصرف ثناء وإشادات الكلام بمنتسبي جبهة الإعلام، تظهر لهم بالطبع التقدير والاحترام، لكنها لا تشد أزرهم بما يؤمن حتى الطعام!
هكذا منذ أربع سنوات على احتدام الحرب والعدوان والحصار، برز الإعلام محور اهتمام، وغدا في ذاته جبهة من جبهات الاحتدام، وسائله مستهدفة بالقصف وكذا بالحجب، ومنتسبوه مستهدفون بالاعتقال والقتل والتجويع!
عشرات من وسائل الإعلام اليمنية تعرضت للقصف المباشر بالطيران والمدفعية، كما تعرضت أيضاً للقصف غير المباشر، حجباً لمواقعها على شبكة الإنترنت وترددات بثها على الأقمار الاصطناعية، وقرصنة على هوياتها واستنساخا لها.
مئات الإعلاميين اليمنيين تعرضوا هم أيضاً للأسر والاعتقال في هذه المحافظة أو تلك، ومثلهم قتلوا أو جرحوا، ومعظمهم تجعجعوا وجُوعوا بقطع مرتباتهم منذ عامين ونصف، ومع ذلك ظلوا يؤدون عملهم الهام بكل بسالة وإقدام.
قلة فقط من الإعلاميين اليمنيين وكثرة من المحسوبين على حرفة الإعلام، استثمروا ماء وجوههم وبيع ضمائرهم وتدنيس شرف مهنة الإعلام، وأثروا ثراءً فاحشاً من بذل "شهادات الزور" على قاعدة "كل دقيقة بقيمتها والحسابة بتحسب"!
أما السواد الأعظم فازدادوا فقراً وازدادت حياتهم كدحاً، يقتاتون إباءهم ويتزودون صدقة الأمانة وشرف الكلمة وسمو الرسالة، وخاطروا بأرواحهم في مواصلة العمل تحت تحليق الطيران المتربص، وألسنة نيران المعارك.
استشهد مَن استشهد منهم وجُرح مَن جرح، وما زال التقدير لجهدهم وإخلاصهم لمهنة توثيق الحقيقة ونقلها وتضحياتهم، تقديراً كلامياً، ومناسباتياً أيضاً في يوم واحد من أيام العام. أما عمليا فلم يجنوا غير التقتير في الإنفاق!
لا يطلب السواد الأعظم من الإعلاميين منحهم ما يتقاضاه العاملون في ترسانة دول التحالف ومن والاه من رواتب ومكاسب، بل يطلبون ما يعينهم على البقاء أحياء، ما يسد رمقهم وأطفالهم ويحفظ ماء وجوههم ويكف أيديهم عن السؤال وهوانه!
مع ذلك، لا يظهر أن أحداً يهتم أو يشفق أو حتى يفكر: كيف يعيش هؤلاء؟! من أين يؤمنون قوت يومهم؟! وإن مرضوا أو أحد أطفالهم، من أين يؤمنون نفقات العلاج والدواء؟! وهل عليهم أن يستدينوا ويسألوا الناس إلحافاً وعوناً؟!
يا سادة يا كرام، اعلموا أن خطاب الثناء والتقدير والاحترام مطلوب ومحمود، لكنه لا يغني من جوع أهل الكلمة ومهنة ورسالة الإعلام، وأن دبج الكلام لا يسمن أو يصرف إلى مال يؤمن القوت ومتطلبات العيش بعزة وكرامة، ولو على الكفاف.
ذلك أمر هام يجب إدراكه وتدارك تداعياته. والأمر الآخر: نفذوا توجيهات سابقة لرئيس المجلس السياسي الأعلى بإطلاق المعتقلين على ذمة قضايا رأي، فخطرهم لا يوازي بأي حال خطر الترسانة الإعلامية الهائلة لدول تحالف العدوان وتلك التي يمولها ويشتري مواقفها على مستوى العالم برمته.

أترك تعليقاً

التعليقات