سادة لا عبيد!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

لا تقنعني كل التهويمات لمشكلة اليمن، بقدر اقتناعي أنها تكمن أولاً في السيادة، وأن انفراجها رهن استعادتها، شرطاً لاستعـــــادة الإرادة الوطنية، واستقلالية الإدارة، لتكون النتيجة حتماً الكفاية.
يتأكد لي يوماً بعد آخر، أن لا أمل في الفلاح لدولة تسلم نفسها لإرادة غيرها وتدخلاتها، تحت أي مسمى ولأي غاية كانت، وتسمح بأن تكون ساحة صراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل!
سيادة الدولة تأتي من سيادة سلطاتها، وسيادة الأخيرة بجانب سيادة أنظمتها وقوانينها، تتأتى من شرعيتها، التي يجب أن تكون من الشعب لا من أفراد أو مراكز نفوذ، ولا من قوى أو دول.
وهذا لم يتجسد فعلياً في اليمن طوال السبعين عاما الماضية، وبفعل غيابه أو تغييبه، ظلت البلاد تحيا على الأزمات، وتدخل من صراع لتخرج إلى صراع، لا تعرف الاستقرار، ولا مرجعية واحدة للقرار نظرة فاحصة للتاريخ القريب، تؤكد ذلك، وتظهر ارتهان إرادة اليمن وإدارته لقوى تقليدية قبلية ودينية وسياسية واقتصادية، تتبع امتداداتها الخارجية، ومدى توافق مصالحها وتصادمها.
ظلت هذه القوى تساوم كل من يعتلي سدة الحكم، على أمنه وأمن اليمن في عهده، مقابل أن تحظى بمصالح اقتصادية ومكاسب سياسية تصل حد تقاسم الثروة والسلطة، خلف الأضواء!
حدث هذا مع كل من حكموا اليمن خلال مائة عام مضت، وبصورة أكثر وضوحاً مع رؤساء اليمن الجمهوري العشرة خلال الخمسين عاماً الماضية، وتجاربهم ينبغي أن تكون عبرة!
ولاتزال هذه القوى تمارس هوايتها تجاه اليمن بالأدوات والآليات نفسها وإن تغيرت المسميات والشعارات، المهم أن تضمن مصالحها في الثروة والسلطة والتحكم بكل شيء ولكن في الظل!
ذلك ما يتعين أن يعيه اليمنيون جميعاً، ورئيس الدولة خصوصاً، في كل زمان ومكان، وفي مرحلة كان الجميع فيها يرفع ـ قناعة أو مناورة ـ شعار «التغيير» ويلتقون في المطالبة بـ»يمن جديد».
ينبغي أن يجسد الجميع هذه القناعة فعلياً.. ويسعى بجد ـ كلٌ على مستوى محيطه ـ باتجاه هذه الغاية: تحرير السيادة الوطنية من التبعية والهيمنة، واسترداد استقلالية الإرادة والإدارة.
يتوجب أن تتسم الأمور بشفافية أكبر.. أن تُجرم العمالة لا أن تُحترم، وأن يحقر الراعي لمصالح قوى خارجية لا أن يوقر، وأن يُحظر الارتهان للخارج على الجميع بلا استثناء، باعتباره خيانة.
نريد أن نشعر بسيادة الدولة ماثلة بقوة في كل شارع وحي ومديرية ومحافظة، حاضرة بواجبات سلطات الدولة، شاخصة في هيبة النظام وامتثاله، وسيادة القانون، وتطبيقه والتزامه وإنفاذه.
نحتاج أن نلمس سيادة اليمن في البر والبحر والجو.. وفي تعامل الدول مع اليمن، الدولة وسلطاتها، لا مع قوى داخلها.. وأن نشهد السيادة في معاملة المواطن اليمني خارج بلاده.
وسيظل مقياس التغيير في اليمن، سهلاً وبسيطاً وفي متناول الجميع.. بمقدار سيادة الدولة: أرضاً وجواً وبحراً، توجها وقراراً وإدارة، نظاماً وامتثالاً، قانوناً والتزاماً، ونفوذاً على الجميع.

أترك تعليقاً

التعليقات